إذا تركت لي الخيار فعلًا؛ فمن الطبيعي أن أختار الكتاب الورقي طبعًا. فأنا من الجيل القديم الذي يعيش مع الكتاب الورقي حالةً من العشق، نسيجٌ من مسرحية حب. أشتم رائحة الأشجار في ورق الكتاب الصفراء أو البيضاء، أتلمّس كل لحظةً دارت داخل محور فصوله، أتقمص إحدى الشخصيات وأبدأ بالحوار الشيّق، وأتفاعل مع الأحداث بضرباتٍ متسارعةٍ في القلب، أو بومضاتٍ ضاحكةٍ من العين، أو دموعٍ تسري من المآقي لتصل للوجنات. أبدأ بتقليب الصفحات، ومعايشة كل لحظةً كُتبت فيه. أشتمّ رائحة الأمهات، وشجاعة المحاربين، وخفقات الأحباء، واشتياق الغائبين. أُحضّر قهوتي، وألبس نظارتي، وأجلس قرب مدفأةٍ أو مروحةٍ لأحضّر الجلسة الروحيّة التي سأقوم بها، ثم أبدأ! وعندما أملّ المكان أتنقل لمكانٍ أكثر راحة وعفوية لعيش الأجواء.
لكن كل ذلك لا يعني أن الكتاب الإلكتروني بلا قيمة. يمكنك أن تتصفح العديد من الكتب من خلال المكتبات الإلكترونية المنتشرة على محركات البحث، لتحصل على كتابك في لحظة نقرٍ على الفأرة. لن يحتاج منك أن تدفع ثمن هذا الكتاب، ولن يبلى أبدًا عند تصفحه. كما يمكنك أن تتناقله بين أحبائك، وتجعل خطّه مناسبًا لنظرك، يمكنك الاقتباس منه بسهولة من خلال القص والنسخ. يمكنك الاحتفاظ بهذا الكتاب الإلكتروني للأبد في ملفات جهازك الحاسوبي. بالإضافة لسهولة الوصول إليه بأي لغةٍ شئت، مع إمكانية تداوله بسهولة وسرعة فائقة حول العالم، دون التقيد بالحدود الرقابية التي تفرضها بعض الدول.
لن أقوم بفرض ما أراه مناسبًا لي عليك، فأنت من تقرر ما يروق لك. اصنع عالمك، وابدأ يومك. فأهم مبدأ تتبناه في حياتك هو:"اقرأ".
84 مشاهدة
