أنا أحب القراءة جدا، وأعتبرها هوايتي المفضلة، ودائما ما أشجع أصدقائي عليها، فالقراءة تجعل منك شخصا أكثر ذكاء، وذلك لأن القراءة تقوم على تنمية العقل، و بالضبط كما تقوم التمرينات الرياضية بتنمية العضلات في الجسم، فإن القراءة تعمل على تحفيز المسارات العصبية، وتجعل العقل في حالة من النشاط المستمر. لذلك يقول العلماء أن الأشخاص الذين يمارسون القراءة بشكل مستمر هم أقل عرضة للإصابة ببعض الأمراض أذكر منها الزهايمر وفقدان الذاكرة.
ففي دراسة أجريت في معهد التربية في جامعة لندن ،كان القائم عليها
أليس سوليفان Alice Sullivan و مات براون Matt Brown، تم تحليل عادة القراءة عند حوالي ستة آلاف طفل ، واستنتجوا أن الأطفال بعمر العشر سنوات والذين كانوا يقرأون بهدف المتعة، هم من يحصلون على نتائج دراسية أفضل في عمر السادسة عشرة -خاصة في مادة الرياضيات رغم أن لا علاقة مباشرة لها بالقراءة- بالمقارنة بالأطفال الذين لم يقرأوا، أو الأطفال الذين كانوا يقرأون قليلا وبدون انتظام.
وبما أننا في عصر السرعة ولا نجد الكثير من الوقت لممارسة القراءة، يقوم الناس بمحاولة التعويض عن طريق سماع الكتب، ويعتمدون على سماع الكتب كبديل رسمي للقراءة إلا أن البعض يعتبرها نوعا من أنواع الغش.
ولمن لا يعرف ما أتحدث عنه، فإن الكتب الصوتية أو السموعه هي نسخة صوتية من الكتاب تسمعها بصوت قارئ محترف، تتميز بسهولة تحميلها على الموبايل، مما يجعلها متاحة وموجودة معك في كل مكان، والجيد فيها هم أنك تستطيع السماع للكتب الصوتية خلال قيامك بعمل شيء آخر، خصوصا لو كان الشيء الآخر الذي تقوم به لا يحتاج الى تركيز كبير، كانتقالك من منطقة الى أخرى بواسطة باصات النقل مثلا. كذلك لو كنت انت السائق، فمن السهل أن تستمع للكتاب، بعكس القراءة من الكتاب.
ولكن إن أردنا معرفة إن كانت قراءة الكتب وسماعها نفس الشيء أم لا، وإن كانا كلاهما يعطيانك نفس الفوائد، فعليك أن تجربهما بنفسك و تقارن ، لأن العملية مختلفة تماما. ووجدت أنا شخصيا أن بينهما فرقا أساسيا،هو أنه في القراءة، توجد عملية معالجة للكلمات المطبوعة داخل المخ، بمعنى أنك عندما تقرأ الكلمات في الكتاب، فإنها تتحول داخل مخك الى معاني وصور، فعندما تقرأ مثلا "السيارة الزرقاء" فإنك تراها في عقلك و تتخيلها، وكأنك تقوم بفك الشفرات بطريقة ما، و هذه العملية تكون سريعة. أما في سماع الكتب، فإنك تستخدم حاسة السمع لمحاولة فهم ما تسمعه، لذا تجدك تحبذ صوت وأسلوب قارئ على آخر.
بعض رواة القصص وقارئي الكتب لديهم اسلوب انفعالي يجعلك تحب سماع الكتاب و تستمتع به، وبعضهم يمتلك أسلوب ممل مما يجعلك تسرح ولا تنتبه ولا تفهم ما يقوله، لذلك قد يضطرك الأمر الى الاستماع الى الكتب المهمة أكثر من مرة.
اذا الكتب الصوتية ليست بديل كامل عن القراءة من الكتب، بل هي مصدر إضافي للمعرفة، و وسيلة لاستغلال الوقت الذي يمكن فيه ممارسة القراءة العادية.