إن كان المقصود بذلك أن يعلم أمورا لا دخل للفراسة أو الحدس والظن بها ، ولا يوجد أمارات وقرائن عليها ، فلا يمكنه بمجرد قراءته إن كان صادقا وليس مشعوذا أو دجالا أو يتعامل مع الجن معرفة ذلك .
أما معرفته بأمور قد يكون للفراسة مجال فيها وعلاقة بها ، أو الحدس أو الظن أو هناك قرائن وعلامات من حياتك وحالك ووضعك تدل عليها ، فقد يكون ذلك ويذكر لك أمورا ويصدق ظنه أو فراسته ، فقد روي في الحديث ( اتقوا فراسة المؤمن فإنه ينظر بنور الله ) ، فالفراسة حق ولكنها ليست من علم الغيب ، بل هو نور يقذفه الله في قلب الصالحين فيقول أمرا أو يظن أمرا فيكون كما قال .
أما إذا كان الأمر لا له تعلق بالفراسة أو القرائن ، ولم يطلع أحد من اهلك ذلك الراقي على ذلك الأمر ، فمجرد الرقية لا يجعله قادرا على معرفة ما غاب عنه من حالك وأمرك ، وإذا كان يدعي ذلك ويفتخر به ويستميل الناس بذلك ويزعم أنه يعلم ما غاب عنه من حالهم بمجرد القراءة عليهم ، فهذا دجال كذاب :
- إما أنه يتعامل مع الجن والشياطين وهي التي تطلعه على ما غاب عنه من حالك ، وتكون قراءته للقران لمجرد اجتذاب الناس وإظهار صلاحه وتقواه والواقع خلاف ذلك ، ولا يغتر بقراءته للقران ، فبعض المشعوذين هذه الأيام صاروا يتعمدون إظهار الصلاح وقراءة القران حتى يصلوا إلى إقناع الناس بهم وإيقاعهم في حبالهم ، وهذا من تلبيس الحق بالباطل .
- وإما أن يكون كذابا أخرقا ، يعلم بعض الأمور باطلاع غيره من البشر له ممن يعرفونك ثم يدعي معرفته وأنه من خلال قراءة القران .
- وهناك صنف ثالث ينبغي الحذر منه وهو من يدعي أنه يتعامل مع الجن المؤمن ، وأن الجن المؤمن يساعده لإبطال سحر الجن الكافر ، فمثل هذه الدعوى لا يمكن الاطلاع على صدقها ، والأصل خلافها ، وكثير من هذا الكلام مجرد كذب أيضا .
لذلك فسدا لذريعة اختلاط الحال والوقوع في حبال أولاء الدجالين يغلق هذا الباب أيضا ولا يصدقون ، إذ لم يكن التعامل مع الجن المؤمن طريق الصالحين ولا السلف الصالح ، ولا دلنا عليه النبي الكريم ، وإنما أرشدنا إلى الرقية الشرعية والتوجه إلى رب البرية .
ومجرد تصديق دعوى مساعدة الجن المؤمن تجعل قلب العبد يتعلق بهذا الجني والمخلوقين وتضعف التوكل على الخالق سبحانه ،والمطلوب التوكل على الله لا على المخلوقين .
والله أعلم