نعم يمكن أن يبلغ الحب والعشق بصاحبه حداً يصل به إلى مرحلة الشرك بالله تعالى وإن كان قليلاً وهو : إذا ما صار أمر هذا المحبوب المعشوق هو المطاع عنده والمقدم على أمر الله ، فلو تعارض أمر المحبوب عنده وما يطلبه مع أمر الله وشرعه قدم أمر هذا المحبوب ،فقلب هذا العاشق معلق خاضع مستسلم ذليل لهذا المعشوق المحبوب ، فهذه محبة العبودية أو المحبة الشرعية التي لا تصلح إلا لله تعالى ، فإذا وجدت لغير الله فهي من الشرك .
قال تعالى ( وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَتَّخِذُ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَنْدَاداً يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللَّهِ) ( البقرة ، 165)
وقد ذكر العلماء أن المحبة نوعان :
النوع الأول : محبة التعظيم والعبودية : وهي التي يجتمع فيها الحب للمحبوب مع التعظم له والتذلل له ، وهذه المحبة لا تنبغي ولاتجوز لغير الله ، لإنه لا يستحق التعظيم مع عبودية القلب وذله إلا الله ،والمحبة بهذا الشكل هي شكل ونوع من أنواع العبادة الباطنة ،فصرفها لغير الله شرك بالله .
وهذه المحبة هي التي أثبتها الله للمشركين وذمهم عليها .
النوع الثاني : وهي محبة المخلوق للمخلوق التي لا تعظيم فيها وإنما سببها : إما الشفقة كمحبة الوالدة لولدها ، أو المناسبة والألفة كالرفقة في السفر ، أو الشهوة كمحبة الرجل للمرأة .
وهذه المحبة قد تكون فطرية كمحبة الأم لولدها ، وقد تكون مطلوبة كمحبة المسلم لأخيه المسلم ،وكمحبة كل من الزوجين للآخر ،وقد تكون مباحة كمحبة بعض المطعومات أو كما هو هجمت محبة امراة على قلب رجل دون تعاطيه أمراً محرم .
ومثل هذه المحبة أو العشق قد تؤدي إلى محرم كما لو قادت أصحابها إلى ارتكاب معاص ، كما لو قاد عشق رجل لامرأة لا تحل له إلى الخلوة بها أو لمسها ونحو ذلك ، فهذا محرم ولكنه ليس بشرك .
والله أعلم