هل يمكنك أن تفسر لي علاقة الأنتروبيا بالصفر المطلق؟

هل كنتَ تعرف أنه يوجد حد أدنى للبرودة لا يمكن لأي شيء أن يتجاوزه؟

نعم، ولكن، قبل أن نتكلم عن البرودة، دعونا نتكلم قليلاً عن الحرارة. إن أعلى درجة حرارة استطاع الانسان أن يسجلها في الكون كانت على سطح الأرض! و تمت بتحفيز و تفكير من العقل البشري! في مسارع الجسيمات الكبير Large Hadron Collider قام العلماء بإجراء تصادم بين ذرتيّ ذهب، فكانت درجة الحرارة الناتجة من هذا التفاعل قد وصلت إلى حوالي 4 ترليون سيليسيوس، و هذه الدرجة تعتبر أكثر سخونة بما يعادل ربع مليون مرة من درجة حرارة مركز الشمس، و أكثر سخونة أيضاً من الحرارة الناتجة عن انفجار مستعر أعظم Supernova ، حيث تصل درجة حرارة انفجار المستعر الأعظم لملياري درجة سيليسيوس.

و بالعودة لنقيض الحرارة "ألا و هي البرودة" فما هو حد البرودة الأدنى -إن وجد- ؟ في حقيقة الأمر، إن قوانين الطبيعة لا تسمح لدرجة الحرارة أن تنخفض أكثر من -273.15 درجة سيليسيوس، و هي درجة الحرارة التي تعادل 0 كيلفن أو الصفر المطلق absolute zero.

إن قوانين الطبيعة بالإضافة إلى أنها لن تسمح لك بأن تصل لدرجة حرارة أقل من الصفر المطلق، و هي أيضاً لن تسمح لك بالوصول إلى درجة الصفر المطلق أصلاً. فلماذا يعتبر الوصول لدرجة حرارة الصفر المطلق أمراً مستحيل فيزيائياً؟

إن الصفر المطلق يعني " إنعدام الحركة" . تخيل معي وجود فنجان من الشاي، و هذا الفنجان معزول تماماً ولا يحيطه أي شيء. إذا قمت بسكب الحليب بداخل فنجان الشاي، سوف يقوم الحليب بالانتشار بفنجان الشاي، مهما استغرق ذلك من وقت، سوف ينتشر الحليب بشكل منتظم في داخل فنجان الشاي حتى يصل لحالة التمازج الكامل.
في البداية، عندما قمت بسكب الحليب بفنجان الشاي في اللحظات الأولى، تكون نسبة العشوائية Entropy -و التي تعتبر مفهوماً للتوزع الإنتظامي- منخفضة بداخل الفنجان، فإذاً في مثالنا هذا، فإن الانتروبي أو العشوائية يمثل حالة امتزاج الحليب مع الشاي، فمع مرور الوقت، تزداد نسبة العشوائية و التي تتمثل بيادة انتشار أو امتزاج الحليب مع الشاي، و عندما يمتزج الحليب مع الشاي تماماً، و تتوزع الجزيئات بالتساوي، و درجة الحرارة تصبح واحدة، فإن نظام الفنجان و محتواه يصل بذلك لحالة إتزان Equilibrium .

و بالمثل فإن كوننا هذا لم يصل لحالة التزان بعد، أي أن توزع المادة و درجة الحرارة بالكون ليست منتظمة على الإطلاق. في نظام مغلق يشبه مثال فنجان الشاي أو مثال الكون، لا بد أن ينتشر الحليب بداخل الفنجان، و بالمثل لا بد أن تبقى المادة في حالة حركة في الكون، و بما أن الحركة تعني الطاقة أو الحرارة، فإنه و من أجل الوصول لحالة الصفر المطلق يجب أن تكون حركة الجزئيات = صفر تماماً ، أو أن تنعدم الحركة بعبارة أخرى.

ولكن كوننا لم و قد لا يصل لهذه الحالة. يمثل هذا التشبيه نص القانون الثاني للديناميكا الحرارية، الذي يقول " في نظام مغلق لم يصل بعد لحالة الإتزان Equilibrium لا بد أن تزداد فيه العشوائية Entropy"

أما عن القانون الثالث للديناميكا الحرارية فإنه يقول " من أجل أن تصل الى حالة الصفر المطلق يجب أن تنعدم الحركة أو أن تساوي الصفر" ، و بما أن كوننا يمثل نظاماً مغلقاً لم يصل لحالة الاتزان بعد، فإنه من المستحيل أن تنعدم الحركة و مما يعني بالتالي استحالة الوصول لحالة الصفر المطلق.