مفهوم العلم في حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم:" إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية، أو علم ينتفع به"، يدل على العموم وهذا يعني أنه يشمل العلم الدنيوي والشرعي، بحيث يكون العلم من العلوم المباحة التي تنفع الناس في دنياهم وآخرتهم.
ألف انتباهك هنا إلى أن العلم قد يكون ضاراً إذا لم يقم بطريقة صحيحة، ولذا هناك خصائص للعلم النافع، بها يتحدد نفعه.
- العموم والاطراد: والعموم يعني أنه شامل بكل شيء سواء بالناس أو بالأشياء، وأحكامه تنطبق عليها كلها، وأما الإطراد أي السير على منهج واضح وثابت، بطريقة متتابعة.
أي أن للعلم سنن ثابتة، تُعرف من تتبع آثارها، وقد قال الله عز وجل في سورة آل عمران:" قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِكُمْ سُنَنٌ فَسِيرُواْ فِي الأَرْضِ فَانْظُرُواْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذَّبِينَ َهذا بَيَانٌ لِّلنَّاسِ وَهُدًى وَمَوْعِظَةٌ لِّلْمُتَّقِينَ" الآية 137-138.
وهذا من لب الحكمة، أن تقضى الأمور بقضاء مماثل، يعني إذا نصر الله المؤمنين بسبب إيمانهم، فما دام الإيمان الموجود يرافقه النص، وإذا اختل الإيمان يختل النصر بناء على ذلك.
- الثبات والاستمرارية: أي وجود قانون علمي ثابت، مثل قانون أن الماء يتقلص بالبرودة، وكذلك كل السنن الكونية، فهمي لا تتغير ولا تتبدل، وتجري على الجميع دون استثناء، وقد قال الله تعالى في سورة فاطر:" فَهَلْ يَنظُرُونَ إِلَّا سُنَّتَ الْأَوَّلِينَ فَلَن تَجِدَ لِسُنَّتِ اللَّهِ تَبْدِيلاً وَلَن تَجِدَ لِسُنَّتِ اللَّهِ تَحْوِيلاً" الآية 43.
وهذه الخصائص تمضي على كل العلوم، سواء الدينية أو الكونية، والأساس في الدين الإسلامي أنه جاء شاملاً لكل ما في الحياة، وليس مقتصراً على العلم الديني فقط، وبهذا يتبين له أن العلم النافع يشمل كل أنواع العلوم.