نعم يحق للزوج تغسيل زوجته المتوفاة، وكذلك يحق للزوجة تغسيل زوجها المتوفى، حتى ولو كانت مطلقة رجعياً، لأن رابط الزوجية لا يزال قائماً بينهما.
- والأدلة على جواز ذلك:
أولاً: عن عائشة رضي الله عنها قالت: رَجَعَ إلى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مِنْ جِنَازَةٍ بِالْبَقِيعِ وَأَنَا أَجِدُ صُدَاعًا فِي رَأْسِي وَأَقُولُ: وَارَأْسَاهُ، فَقَالَ: "بَلْ أَنَا وَارَأْسَاهُ، مَا ضَرَّكِ لَوْ مِتِّ قَبْلِي فَغَسَّلْتُكِ وَكَفَّنْتُكِ، ثُمَّ صَلَّيْتُ عَلَيْكِ وَدَفَنْتُكِ" رواه أحمد، وابن ماجة، وصححه الشيخ الألباني في صحيح ابن ماجة
ثانياً: وعن أسماء بنت عميس رضي الله عنها: "أَنَّ فَاطِمَةَ رضي الله عنها أَوْصَتْ أَنْ يُغَسِّلَهَا عَلِيٌّ رضي الله عنه" رواه الشافعي، والدار قطني، والبيهقي وحسن إسناده الشوكاني في "نيل الأوطار".
قال الإمام الشوكاني: "في قوله عليه الصلاة والسلام: (فغسلتك) فيه دليل على أن المرأة يغسلها زوجها إذا ماتت.
وقال الإمام الصنعاني رحمه الله في حديث أسماء رضي الله عنها: "يدل على أنه كان أمراً معروفاً في حياته صلى الله عليه..."
- فرأي جمهور أهل العلم ومنهم الشافعية والحنابلة والمالكية على أن الزوج يحق له تغسيل زوجته التي فارقت الحياة، لأن الزواج لا يزال قائماً بينهم.
- أما الأحناف: فقالوا لا يحق للزوجين تغسيل بعضهما البعض لأن الموت بمثابة الطلاق البائن والتي تصبح الزوجة أجنبية عن زوجها، وأن العلاقة الزوجية قد انتهت بموت أحدهما.
- وقد تم توجيه السؤال التالي للشيخ ابن باز رحمه الله:
رأي بعض الفقهاء أن العلاقة الزوجية انتهت بالموت، ما توجيهكم في ذلك؟
فأجاب: هذا رأي يعارض السنة، فلا يلتفت إليه"
وأما غسل المرأة لزوجها فيدل له حديث عائشة رضي الله عنها قالت: (لَوْ اسْتَقْبَلْتُ مِنْ الْأَمْرِ مَا اسْتَدْبَرْتُ مَا غَسَّلَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إلَّا نِسَاؤُهُ) رواه أبو داود، وصححه الشيخ الألباني رحمه الله في "أحكام الجنائز"
-أما الحكمة من غسل المتوفى:
1- فهي إكرامه وتنظيفه، وهو حق من حقوقه على ورثته وأهل بيته والمسلمين.
2 - ومن الحكم حتى يلقى الله طاهراً متوضئاً نظيفاً.
3 - وهو من الأمور التي نتعبد بها الله تعالى.
- أما التكفين: فالحكمة منه ستر الميت، قال ابن قدامة في المغني: ويجب كفن الميت، لأن النبي صلى الله عليه وسلم أمر به، ولأن سترته واجبة في الحياة، فكذلك بعد الموت.
- والغسل والتكفين والدفن: هي من حقوق المتوفى في الفقه الإسلامي، ومن السنة الإسراع في هذه الأمور وعدم تأخيرها ، لأن من إكرام المتوفى الإسراع في دفنه، أو كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم.
- وغسل الميت هو أمر تعبدي غير معلوم الحكمة، وبعض الفقهاء قالوا بأن الحكمة هي معلومة وهي إكرامه بتنظيفه، وإزالة الأذى عنه.
قال في منح الجليل شرح مختصر خليل: حال كون غسله (تعبدا) أي متعبدا به أي مأمورا به من غير علة أي حكمة أصلا.. وكونه تعبدا. قول الإمام مالك وأشهب وسحنون رضي الله تعالى عنهم. وقال: ابن شعبان معلل بالنظافة.
والحكمة من تكفين الميت هو ستره قال:
ابن قدامة في المغني: ويجب كفن الميت، لأن النبي صلى الله عليه وسلم أمر به، ولأن سترته واجبة في الحياة، فكذلك بعد الموت.
وعند المذاهب الأربعة وجمهور العلماء بأنه يجوز أخْذُ الأجرةِ على غُسلِ المَيِّت، وهو قولُ ابنِ بازٍ أيضا.
ومن الأمور التي ينبغي أن تتصف بمن يغسل الميت أن يسَتْرُ قبيحٍ ما رآه من الميِّتِ، وهذا باتِّفاقِ المذاهِبِ الفقهيَّةِ الأربعةِ: الحَنفيَّة، والمالِكيَّة، والشَّافعيَّة، والحَنابِلَة.
فقد صح وثبت عن عبدِ اللهِ بنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عنهما، أنَّ رسولَ الله صلَّى الله عليه وسلَّم قال: (ومن سَتَرَ مُسلِمًا سَتَرَه اللهُ يومَ القيامة). رواه مسلم والبخاري
ثانيًا: لأنَّ ذكر قبح وعيب الميت يعد من الغِيبةُ محرَّمةٌ
كما أنه يُكْرَه أن يَحْضُرَ غسل الميِّتَ من لا يُعينُ في غُسْلِه، ولا حاجَة تدعو إلى حُضورهِ، وهو مذهبُ الجمهورِ: المالِكيَّة، والشَّافعيَّة، والحَنابِلَة؛ وذلك لأنَّه يُكرَه النَّظَرُ إلى المَيِّتِ إلَّا لحاجةٍ
- والغسل الشرعي هو أن يغسلوا جميع بدنه ويبدؤوا بتنحيته بقماش نظيف، ثم بعدئذ يقوم بالوضوء الشرعي للميت فيمسح فمه بالماء وأنفه بالماء وأن يزيل ما في الأنف إن وجد ومن ثم يغسل وجهه ثلاثاً أو ثنتين أو واحدة والأفضل ثلاث،
ثم يغسل ذراعيه ثلاث ثلاثاً أو واحدة واحدة أو ثنتين كالوضوء، ثم يمسح رأسه وأذنيه ثم يغسل رجليه، ثم بعد ذلك يفيض الماء على جميع بدنه فيبدأ بالشق الأيمن ثم الأيسر،
وإذا تيسر غسله بالسدر فهو أفضل، فإن لم يتيسر السدر فيغسل بالصابون والماء.
- وعليه: فلا حرج في تغسيل الزوج لزوجته أو تغسيل الزوجة لزوجها، كما أن غسل الميت فرض كفاية، فالواجب تغسيل الميت وتكفينه، ولا يجوز دفن الميت بدون غسل حتى لو منع من قبل الجهة المسؤولة لأنه لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق، إلا إذا دفنوه جبراً أو أجبروا على دفنه على تلك الحالة فيسقط الإثم عن الآخرين.