هل يجوز للمسلم تشبيه الصالحين من الناس بالصحابة رضوان الله تعالى عليهم

1 إجابات
profile/دمحمد-الطويل-1
د.محمد الطويل
دكتوراة في الفقه وأصوله (٢٠١٠-٢٠١٣)
.
٢٩ مارس ٢٠٢١
قبل ٤ سنوات
إذا كان تشبيه من كل وجه بحيث يقال إن فلاناً من الناس بلغ منزلة الصحابي الفلاني فهذا لا يجوز، لأنه كذب غير مطابق للواقع.

لأن المنزلة التي بلغها خيار الصحابة رضي الله عنهم برؤية النبي صلى الله عليه وسلم وصحبته وجهادهم معه وقيامهم بالدين والدعوة، لا يستطيع من بعدهم بلوغها لأنه فاتتهم رؤية النبي عليه السلام، وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء.

فليس من رأى النبي عليه السلام كمن لم يره ولا شك.

ثم إن من الصحابة من نال منزلة وشهادة لا يمكن القطع بها لغيره كشهادة النبي لبعضهم بالجنة، ومثل نص القرآن برضى الله سبحانه عمن بايع النبي عليه السلام تحت الشجرة بيعة الرضوان. ، ونص القرآن برضى الله عن الصحابة.

وهذه فضائل لا يستطيع من بعدهم نيلها وإنما غايته أنه يشابههم ويرجى له ما يرجى لهم من الخيرية والفضل.

لذلك لما  سئل عبد الله بن المبارك رحمه الله أيهما أفضل معاوية أو عمر بن عبد العزيز؟ فقال: "الغبار الذي دخل في أنف فرس معاوية مع النبي صلى الله عليه وسلم خير من مثل عمر بن عبد العزيز كذا وكذا مرة".

وقال ابن حجر الهيتمي "وأما ما اختص به الصحابة ـ رضوان الله عليهم ـ وفازوا به من مشاهدة طلعته ورؤية ذاته المشرفة المكرمة فأمر من وراء العقل، إذ لا يسع أحدا أن يأتي من الأعمال وإن جلت بما يقارب ذلك فضلا عن أن يماثله..."

أما إن كان التشبيه بصفة أو خصلة معينة بحيث يقال فلان مثل حمزة بن عبد المطلب في الشجاعة، أو فلان مثل طلحة بن عبيد الله في الكرم، أو فلان مثل أبي ذر الغفاري في الزهد، فهذا جائز .

لأن مثل هذا التشبيه تشبيه جزئي وبصفة معينة لا يقتضي المماثلة من كل وجه أو المطابقة في الفضل ولا مانع منه.
فقد جاء في السنة تشبيه النبي صلى الله عليه السلام بعض الصحابة بالأنبياء، والأنبياء أعلى درجة ولا شك من الصحابة.

حيث شبه النبي عليه السلام أبا بكر رضي الله عنه في رحمته وميله إلى اللين بإبراهيم وعيسى عليهما السلام ، وشبه عمر رضي الله عنه في شدته بنوح وموسى عليهما السلام.

كما ورد في قصة أسرى بدر حيث قال عليه السلام (  إن الله ليلين قلوب رجال فيه حتى تكون ألين من اللبن وإن الله ليشد قلوب رجال فيه حتى تكون أشد من الحجارة وإن مثلك يا أبا بكر كمثل إبراهيم عليه السلام.. ومثلك يا أبا بكر كمثل عيسى ... وإن مثلك يا عمر كمثل نوح.. وإن مثلك يا عمر كمثل موسى..)

  والله أعلم