هل يجوز الاستماع للقرآن الكريم أثناء الانشغال بالعمل أو قيادة السيارة

1 إجابات
profile/دمحمد-الطويل-1
د.محمد الطويل
دكتوراة في الفقه وأصوله (٢٠١٠-٢٠١٣)
.
٢٥ فبراير ٢٠٢١
قبل ٤ سنوات
 - إذا كنت وحدك في العمل أو في  المكتب أو في السيارة، وكنت تستمع لقراءة القرآن بقدر المستطاع، فيجوز ولا مانع من ذلك، بل هو عمل تؤجر عليه وتنال بركته، وتستفيد منه، بكثرة إمرار القرآن على قلبك وفكرك، فترتاح نفسك وتزرق الطمأنينة وتعتاد على سماع القرآن، وتعرض عن سماع اللهو.

وهذا أفضل ولا شك مما يفعله كثير من الناس من قضاء وقتهم في السيارة في الاستماع لما لا يفيد من الإذاعات فضلاً عن الحرام، أو قضاء وقته صامتاً بلا ذكر أو تسبيح، فأقل ما تعمله أن تستمع للقرآن وتحاول التدبر والتركيز معه ما استطعت.

ولو انشغلت أحياناً في العمل فتكلمت قليلاً أو خرجت ثم عدت فهذا لا يتعارض مع هذا الاستماع للقرآن، أو مع قوله تعالى (وإذا قرئ القرآن فاستمعوا له وأنصتوا..)، لأنه قد حصل الإنصات بقدر المستطاع، وهذه الآية أجمع المفسرون أنها نزلت في أمر الصلاة أصلاً.

- أما إذا كان الانشغال أثناء العمل يتطلب كلاماً وحديثاً كثيراً مع الناس، أو وجد تجمع من الموظفين ففلان يتكلم وآخر يرفع صوته وهكذا، كما لو وجد في مكتب عدد من الموظفين ويتكلمون مع بضعهم البعض، أو في متجر وسوق وهناك باعة ومشترين يدخلون ويخرجون، ففي هذه الحال لا ينبغي فتح القرآن وتشغيله بصوت مرتفع بحيث يختلط صوت القرآن بصوت الناس، ولا أحد يستمع للقرآن أو ينتبه له، لأن هذا يتنافى مع آداب الاستماع للقرآن وتعظيمه، فلا ينبغي للقرآن أن يكون مثل باقي ما يسمعه الناس من الكلام، بل لا بد أن يكون له توقير وتعظيم واحترام.

قال الإمام النووي رحمه الله في كتابه "التبيان في آداب حملة القرآن":
" ومما يعتنى به ويتأكد الأمر به احترام القرآن من أمور قد يتساهل فيها بعض الغافلين القارئين مجتمعين.
فمن ذلك: اجتناب الضحك واللغط والحديث في خلال القراءة إلا كلاما يضطر إليه... ".


قد تقول:  أن فاعل ذلك  يريد البركة من رفع صوت القرآن في هذا المكان، وهو أفضل من رفع صوت الأغاني أو غيره من الكلام!

والجواب: هذه نية حسنة ولا شك، ولكن من تعظيم كلام الله ألا يكون يختلط قراءته بكلام الناس، فيكونون كالمعرضين عن سماعه، ولكن ليضع صوت القرآن، فإذا انشغل أو وجد جماعة يتكلمون، فليقطع الصوت، فإذا انقطع الكلام وذهب اللغط أعاده.

والله أعلم