هذه المسألة قد اختلف فيها الفقهاء على قولين:
القول الأول: قالوا الغسل واجب بعد سب الدين لأنه بسب الدين قد كفر وخرج من دائرة الإيمان ويعتبر مرتد، فإذا تاب وعاد فعليه الغسل كغسل الكافر إذا أسلم.
- وفي ذلك يقول الشيخ محمد عليش المالكي في فتح العلي المالك: يؤخذ من هذا الحكم فيمن سب الدين، أو الملة، أو المذهب، وهو يقع كثيرًا من بعض سفلة العوام، كالحمارة، والجمالة، والخدامين، وربما وقع من غيرهم، وذلك أنه إن قصد الشريعة المطهرة، والأحكام التي شرعها الله تعالى لعباده على لسان نبيه صلى الله عليه وسلم، فهو كافر قطعًا، ثم إن أظهر ذلك، فهو مرتد، يستتاب، فإن تاب وإلا قتل. وإن لم يظهره، فهو زنديق، يقتل ولو تاب.
- وبخصوص الغسل بالنسبة للمرتدّ إذا رجع للإسلام، فإنه محل خلاف عند المالكية، فمنهم من يرجح وجوبه، قال الدردير المالكي في الشرح الكبير: (ويجب غسل كافر) ذكر أو أنثى، أصلي أو مرتد، بعد إسلامه على الأرجح. انتهى. وقال الدسوقي المالكي في حاشيته: (قوله: على الأرجح) أي: من أن الردة تبطل الغسل.
ومنهم من يرجح عدم وجوبه، جاء في شرح الخرشي لمختصر خليل: واقتصاره (يعني صاحب المتن) على ما ذكر من موجبات الغسل، يقتضي أن الردة لا تبطله. وهو المعتمد، كما ذكره الحطاب في فصل الوضوء.
القول الثاني: قالوا الاغتسال مستحب في هذه الحالة وليس واجباً.
- وللخروج من الخلاف الأفضل والأحوط له أن يغتسل
- أما بخصوص حكم صلاة الشخص بعد سب الدين؟ فسب الذات الإلهية ردة، وعلى مرتكب هذه الجريمة أن يعيد الشهادة، ويتوب إلى الله، ويراجع زوجته، ولا يشترط الغسل من أجل الصلاة. وهذه الفتوى صادرة عن دائرة الإفتاء الأردنية. والله أعلم.
- وسب الدين ظاهرة منتشرة في المجتمعات العربية وذلك يعود لضعف التربية الإيمانية سواء على مستوى الأسرة أو المدرسة والجامعة ووسائل الإعلام وضعف رسالة المسجد، وعدم وجود العقوبة الرادعة لكل من تسول له نفسه بسب الذات الإلهية أو سب الدين الإسلامي.
- أما بخصوص موجبات الغسل فهي على النحو الآتي:
أولاً: المني، فخروج المني بشهوة وتدفق في اليقظة، لقوله تعالى: "وإن كنتم جنباً فاطهروا" وقوله صلى الله عليه وسلم: "إذا فضخت الماء (أي خرج منك بشدة) فاغتسل". رواه أبو داود وهذا مذهب جمهور أهل العلم أنهم يشترطون في خروجه: الشهوة والتدفق للحديث المذكور.
ثانياً: الاحتلام بشهوة أو بغيرها، ذكر احتلاماً أو لم يذكره، لحديث أم سلمة أن أم سليم رضي الله عنها قالت: يا رسول الله إن الله لا يستحي من الحق فهل على المرأة غسل إذا احتلمت؟ قال: "نعم؛ إذا رأت الماء" رواه الشيخان.
ثالثاً: الزنا أو التقاء الختانين: ويكون ذلك بتغييب حشفة الذكر في الفرج، وإن لم يحصل إنزال، لقوله صلى الله عليه وسلم: "إذا جلس بين شعبها الأربع ثم جهدها فقد وجب الغسل نزل أو لم ينزل". رواه مسلم.
رابعاً: الطهارة من الحيض والنفاس: لقوله صلى الله عليه وسلم لفاطمة بنت حبيش:"إذا أقبلت الحيضة فدعي الصلاة، وإذا أدبرت فاغتسلي وصلي". وهو في الصحيحين، والنفاس في ذلك كالحيض بالإجماع.
خامساً: غسل الموت: لقوله صلى الله عليه وسلم: " اغسلوه بماء وسدر." وهو مجمع عليه؛ إلا الشهيد فلا يغسل، لما رواه أحمد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: لا تغسلوهم في كل جرح أو كل دم يفوح مسكاً يوم القيامة.
سادساً: غسل الكافر إذا أسلم فيجب عليه الغسل عند الحنابلة والمالكية، لحديث قيس بن عاصم: أنه أسلم فأمره النبي صلى الله عليه وسلم أن يغتسل بماء وسدر. رواه الخمسة إلا ابن ماجه.
- كما ذهب بعض أهل العلم كالحنابلة إلى إيجاب غسل الجمعة، لما جاء في الصحيحين من قوله صلى الله عليه وسلم: غسل الجمعة واجب على كل محتلم.
-وذهب جمهور العلماء من السلف والخلف إلى استحبابه، وهو الراجح لقوله صلى الله عليه وسلم: من توضأ للجمعة فبها ونعمت، ومن اغتسل فالغسل أفضل. رواه الخمسة.