على مدار تاريخ البشرية على سطح الأرض، ما وصلنا اليه اليوم من نتطور في العلوم والتكنولوجيا لم يصل إليه أي من حضارات العالم القديم، ولم يكن بالإمكان تخيله، من التقنية النانوية إلى الهندسة الحيوية، ولدت علوم كثيرة جلبت لنا الخير وبعضها حمل في طياته الشر، ويبقى الفاصل بين الخير والشر على من يقوم بتنفيذها أو استخدامها، ومن هذه العلوم الحديثة، تقنية الهندسة المناخية الذي يهدف الى تعديل الطقس وتوليد الأمطار الاصطناعية.
أنا من الأشخاص الذين كانوا يتابعون سابقا النشرات الجوية عبر التلفاز، ثم صرت أتابعها عبر تطبيق الطقس على الموبايل، و أتخيل أحيانا لو أن النشرات الجوية أصبحت تقول مثلا أن الجليد يغطي أفريقيا ، ودرجة الحرارة في سيبيريا أربعون درجة، والأمطار تغرق مناطق الجفاف في شرق أفريقيا ، أليس هذا ما يمكن إحداثه عن طريق الهندسة المناخية وتعديل الطقس؟
في الحقيقة، لم يعد الأمر خيالا علميا، أو ضربا من ضروب الجنون، بل أصبح مشروعا حقيقيا ، في متناول الدول الكبرى كالولايات المتحدة الأمريكية وروسيا والصين، خاصة بعد اختراع سلاح الكيمتريل، وهو عبارة عن سحاب أبيض ينتشر في السماء و يشبه الخطوط المتكثفة التي تطلقها الطائرات ، ولكنه يتركب من مواد كيميائية لا تحتوي على بخار الماء، ويتم ضخها من على ارتفاع عال. وقد تزايدت الشكوك حول الغرض من استخدامها والذي أصبح يعتبر غرضا سريا يكتنفه الكثير من الغموض، كما أنه استعمل في برامج سرية يقودها مسؤولون حكوميون .
كان الهدف الأول لهذا الاختراع، هو الاستخدام السلمي للتحكم في ظروف الطقس، كحجب الشمس لتخفيض درجة الحرارة في مكان مات في العالم. أن أحدث التطورات التي وصل اليه العلماء في موضوع الطقس هو ابتكار صيني، يعدون فيه أنهم اخترعوا نظاما متطورا يستطيعون من خلاله التعديل على حالة الطقس، بحيث يتحكم بالأمطار والثلوج، وسيكون البرنامج جاهزا بحلول 2025 ، والهدف الأساسي منه هو محاولة الحكومة الصينية تغطية الأمطار الصناعية لمساحة خمسة ونصف مليون كيلو مترا مربعا، أي أكبر من مساحة دولة الهند، و ستستفيد مساحة خمسمائة و ثمانون ألف كيلو مترا مربعا من تقنية أخرى تعمل على منع تساقط حبات البرد.
تريد الصين أن يساعد البرنامج في الإغاثة في حالات الكوارث ، وزيادة الأنتاج الزراعي واطفاء الحرائق في الغابات، والتعامل مع درجات الحرارة المرتفعة والجفاف.
يعتمد البرنامج على تقنية اسمها البذر السحابي، إذ يقوم الطيارون المتخصصون بحقن الغيوم الرطبة الموجودة في الجو بكميات من المواد الكيماوية ومنها يوديد الفضة، وهي تجعل جزيئات الماء الموجودة في الغيوم تتكاثف وتسقط على الأرض، أو عن طريق دش الغيوم من الأرض بواسطة مداخن تنفث المزيج الكيماوي نحو السحب في السماء. وقد استخدمت هذه التقنية في روسيا قديما قبل الصين، ولكن بشكل محدود ، وقد استخدمت الولايات المتحدة الأمريكية هذه التقنية بين ولاياتها، حيث استطاعت ولاية ميتشيجان من سحب قسم من الغيوم الثقيلة المتمركزة فوق ولاية ديترويت، وذلك برش كمية كبيرة من أوكسيد الألمنيوم، فتحول الى هيدروكسيد الألمنيوم الذي يقوم بدوره على عكس قسم من أشعة الشمس الى الفضاء الخارجي، وبذلك تقل درجة الحرارة في الجو، مما يؤدي إلى انكماش في حجم الكتلة الهوائية ومن ثم حدوث منخفض جوي فتندفع إليها الرياح في أقرب منطقة ذات ضغط جوي مرتفع، محملة بالغيوم والتراب، وفق طبيعة المنطقة المتأثرة، تماما كما حدث في حرب الخليج.
لقد استثمرت الصين نحو 1.34مليار دولار ما بين العامين 2012 ولغاية 2017 من أجل تطوير الدراسات الخاصة بالمناخ ، وما زالت الأبحاث مستمرة على موضوع برامج تعديل الطقس. وكانت منطقة شينجيانغ أول المدن المستفيدة من هذه الأبحاث، فالتجارب استطاعت تقليل الأضرار الناتجة عن حبات البرد بنسبة 70% على الأراضي الزراعية.
بالطبع هذه البرامج تثير رهبة الدول المجاورة للصين، لخوفهم وقلقهم من أن تقوم الدولة المتحكمة بالطقس كالصين باستغلال هذا العمل لصالحها لأنشطة اقتصادية كما في منطقة جبال الهيمالايا، فهي منطقة تغزوها الثلوج، وتتنازع عليها مع الهند، وكذلك هناك تخوف من أن تقوم الدولة التي تتبع برامج تعديل الطقس باجتذاب الأمطار على حساب دولة أخرى.
وقد صدر عن جامعة تايوان الدولية "أن الافتقار الى التنسيق لنشاط تعديل الطقس يمكن أن يؤدي الى اتهامات بسرقة المطر بين المناطق المجاورة داخل الصين ومع دول أخرى"