هل من الممكن أن تستولي الآلات على جميع الأعمال اليدوية في المستقبل؟

1 إجابات
profile/قصي-خالد-أبوشامة
قصي خالد أبوشامة
ماجستير في تخطيط مدن (٢٠١٩-٢٠٢٠)
.
٠٤ فبراير ٢٠٢١
قبل ٤ سنوات
 
عندما نفكر في المصانع، عادة ما يتبادر إلى أذهاننا أعداد العاملين هناك أو أعداد الآلات التي تنتج تدفقًا مستمرًا من المنتجات لجميع أنواع الصناعات. وفي العقود القليلة الماضية، حدثت طفرة هائلة في الأتمتة، ليس في قطاع الوظائف فحسب بل في جميع جوانب الحياة. عندما نعود بذاكرتنا إلى الماضي، نذكر أنه كان يجب غسل الملابس يدويًا، كذلك ضبط مستوى صوت التلفاز، كان عليك في الواقع النهوض من مقعدك والسير باتجاه التلفاز في الجهة المقابلة من الغرفة. بالعديد من الوسائل، جعلت الأتمتة العديد من جوانب حياتنا أسهل بكثير. 

بدأت العديد من الأعمال التجارية تدرك أن الأتمتة في بعض الحالات يمكن أن تساهم في تحسين اتساق وكمية المنتجات المنتجة خلال يوم واحد. في حين أن هذا خبر عظيم بالنسبة لأصحاب لشركات الذين سيتمكنون من ملء جيوبهم بقدر أكبر من الربح، فإنه سيكون بمثابة كارثة بالنسبة للعمال اليدويين الذين حلت هذه الآلات محلهم. إذن، هل ستقضي الأتمتة في نهاية المطاف على وظائف العمل اليدوي تمامًا؟ دعونا نناقش هذا الأمر. 

سنكون قادرين في نهاية المطاف على إنشاء آلات يمكنها القيام بالمهام اليدوية بصورة أفضل منا هذا هو الهدف. بالإضافة إلى أننا نعمل جاهدين لابتكار آلات يمكنها القيام بوظائفنا التفكيرية، أو أفضل مما يمكننا القيام به بأنفسنا. 

إلا أن هذا لا يعني أنه سيكون أمرًا جيدًا للبشرية. إذا كانت الآلات تفعل كل شيء، ما هو الهدف من؟ كيف نبرر وجودنا؟ هل نصبح فقط العجل السمين الذي لا يفكر، والذي يتدلل بالآلات وتطعمه وتدلكه؟ بدون عمل وبدون المصاعب التي يجب التغلُّب عليها وبدون تحديات، نحن لم نعد بشر. 

سيستغرب أي كائن فضائي قد يزور الأرض مستقبلًا ويتساءل حول الهدف من وجود أكياس اللحوم البشرية في نظام فعال جدًا. 

وبرأيي، فإن الهدف من الروبوتات والأتمتة والذكاء الاصطناعي استبدال البشر وإنجاز المهام عوضًا عنهم، ما يعني أن البطالة نتيجة حتمية، ومن يراقب الثورات الصناعية المتعاقبة، يرى أن نهضة الآلات ومختلف الاختبراعات أدت دائمًا إلى البطالة. فقبل 150 عامًا، شكلت الأعمال الزراعية نحو 80% من الأعمال الكلية، لكنها الآن لا تتجاوز نسبة 5%، رغم أن القطاع الزراعي شهد نموًا كبيرًا. 

لكن جرت العادة أن يجد البشر عملًا آخر بعد أن تم الاستغناء عن خدماتهم لصالح الآلات، لكن خلال العقود الماضية، شهدنا بصورة متزايدة أن البشر المستبدلين لم يستطيعوا إيجاد وظائف أخرى، لأنهم افتقروا إلى المعرفة والمهارات الكافيتين لإيجاد وظائف بديلة. 

ومستقبلًا، سيملأ الجيل التالي من البشر الشواغر الوظيفية الجديدة التي ستظهر في ظل الأتمتة واستيلاء الآلات على باقي الوظائف، وحتمًا نشهد تسارعًا في هذه الوتيرة، إذ أن الوظائف الجديدة في ظهور مستمر لا محالة، وبمعدلات سريعة. لكن البشر الذين عملوا في المصانع والمناجم أو حتى المزارع أو الحقول النفطية يفتقرون التدريب اللازم للتقديم لهذه الشواغر، وطبيعة حالهم تشير إلى استحالة إعادة تدريبهم، الأمر الذي كان ممكنًا في الماضي، لكن الأطفال يتكيفون مع هذه الحياة الجديدة منذ ولادتهم، فيحصلون في المدارس على التدريبات الكافية، ويتأقلمون مع التغييرات السريعة، فيصبحون أقدر على تولي الوظائف الجديدة. 

لذلك لعلنا لن نشهد الأيادي الزراعية وهي تتدرب على تشغيل المصانع والعمل على خطوط التشغيل، لأن جهود تدريبها وإعادة تأهليها ستكلف أموال طائلة وستستغرق وقتا كبيرًا. وعلى سبيل المثال، فإذا أردنا إعادة تأهيل كبار السن الذين تتراوح أعمارهم من 40 إلى 45 عامًا لاستلام وظائف تكنولوجية جديدة، سنحتاج حينئذ إلى 5 إلى 10 أعوام من التعليم، وحتى بعدها، فلن يمضوا هؤلاء أكثر من 10 أعوام في العمل قبل التقاعد. وبناء عليه، فمن الأفضل توجيه الجهود التعليمية والتدريبية صوب اليافعين الذين ما زالوا في متقبل العمل، والذين يمثلون استثمارًا أفضل. 

حقًا إنها مشكلة اجتماعية معقدة، ولا يمكن حلها بكتابة فقرتين أو ثلاث، وربما لا يوجد رابح أو خاسر في خضم هذه التغيرات، فاستبدال العمالة البشرية سيفضي إلى كفاءة إنتاجية أكبر، والعالم ما فتئ متجهًا نحو الاستثمار في الروبوتات والذكاء الاصطناعي والآلات، فحري بنا أن نتكيف معه، وإذا أردت التوسع في الحلول المستقبلية الممكنة لهذه المشكلة، فادرس الدخل الأساسي الشامل Universal Basic Income. 

 

  • مستخدم مجهول
  • مستخدم مجهول
قام 5 شخص بتأييد الإجابة