تخيل أنك تقف أمام لوحة تنتمي الى الحركة ما بعد الانطباعية للفنان فان غوخ، وتحاول التنقل بين تفاصيلها، و ترجمة حكايتها المختبئة بين خطوطها و الوانها المتشابكة، يمكن أن تشعر بالمسؤلية تجاه هذه اللوحة وتحاول الحكم عليها ولعلك تلجأ إلى خلفيتك الثقافية و رؤيتك الخاصة للجمال وحينها تستطيع الوقوف بكل ثقة و الحكم على اللوحة ووصف رؤيتك، هل تعلم أنك حينما تصدر حكماً على هذه اللوحة، فأنك استخدمت معاييرك الموضوعية الخاصة التي تكون على درجة من الوعي و الرؤية، فما المقصود بالمعايير الموضوعية و كيف اقيسها على مختلف أنواع الفنون؟
المعايير الموضوعية هي جزء لا يتجزء من الفنون، بحيث أنها تعبر عن عملية الحكم على العمل الفني من قبل الأفراد و عكس رؤيتهم الخاصة و مدى قدرتهم على قراءة العمل الفني و التفاعل معه و التأثر فيه، وتختلف المعايير المستخدمة في الحكم على العمل الفني من شخص لآخر حسب ثقافته و خلفيته العلمية.
ومن هذه المعايير برأيي:
معايير شخصية التي تعتمد على رؤية المتلقي و خلفيته الثقافية، التي برأيي ممكن ان تكون معيار سلبي بسبب تعصب بعض الأفراد لارائهم، الذي يؤدي الى حصر جميع الاذواق في مستوى واحد، و تأخر الفنون وتخلفها، وأيضاً هنالك المعايير الأكاديمية التي تمثل القواعد الفنية الموضوعة من العصور القديمة، التي تتحيز إلى العمل الذي يلبي قواعدها و تعتبر أي عمل دون ذلك بلا قيمة، وأيضاً ممكن ان ترجع الى المدارس الفنية وتستنبط بعض المعايير، لكنك ستواجه بعض التشتت بسبب إختلاف مسار كل مدرسة عن الاخرى مما يجعل الحكم صعباً.
هنالك ايضا معايير موضوعية تعتمد أساس وجود قيم فنية في العمل الفني مثل الأسس الجمالية والعناصر التشكيلية التي يراها المشاهد، و ينبهر بها او تشتته وتأخذه الى جانبها المظلم.
برأيي كل مجال يحتوي على معايير تقوم مساره، و ترفع من قيمته، و تتحكم بصفاته، و الفن هو من الأكثر المجالات التي التفت حوله سلاسل المعايير و التصورات والأحكام التي تسمع صداها من لجة القرار، و تلقى انعكاسها حول كل إطار.