هل قصة روبن هود حقيقة أم خيال؟

إجابة
rate image أضف إجابة
حقل النص مطلوب.
يرجى الانتظار
إلغاء
profile image
م.غيداء التميمي مهندس مدني . 1614832693
 الظلم هو أسوأ المشاعر على الإطلاق، ولذلك نجد قصص الشعوب غنية بسيرة البطل الشعبي الذي يستخدم ذكاؤه وقوته من أجل أن يعيد توازن الحق والباطل والخير والشر، ومنهم روبن هود المشهور باستخدام القوس والسهم للسرقة، ولكن ليس من الفقراء ولا لنهب أموال اليتامى والعجزة، بل العكس تماما. فقد كان يسرق من الأغنياء ليقوم بإطعام الفقراء.

  تقع اسطورة روبن هود في غابة في نوتنجهام البريطانية، وقد عرف عنه أنه بطل الغابات، يعتلي الأشجار محتضنا قوسه وسيفه، لينكب على الأعداء، وهذه الغابة هي مكان معروف أيضا، يأتيه نصف مليون سائح كل سنة، وما زالت مغامرات هذا البطل تحرك المشاعر حتى أيامنا هذه. لكن القصة تطورت وتبدلت عبر القرون، والآن باتت هذه الشخصية مبهمة، بعد ما حجبتها شخصية البطل في هذه القصة الشعبية الشهيرة.

يقال أنه كان ينكب على الأغنياء الذين سرقوا مال الفقراء، وأفقروا البلاد وعاثوا فيها الفساد، فكان يذهب روبن إلى القوي فيكسر شوكته ويأخذ منه ما سرق، فيفرح الشعب بعودة الحق لأصحابه.
 
كان أكبر ظهور لشخصية روبن هود قد ظهرت في الأدب الإنجليزي، ومنها القصيدة التي كتبها ويليام لانغلاند بعنوان بيرز بلاومان، وهو أحد مشاهير الشعر والأدب الإنجليزيين، ولكن للأسف الكتابات التي وصلتنا منه عن شخصية روبن هود بالتحديد ليست بالكثيرة، ولكن كتاباته تدل على أن شخصية روبن هود فعلا حقيقية، وأنها كانت موجودة ايام حياة الكاتب، وانها ليست مجرد أسطورة.

كما بحث المؤرخون في التاريخ القديم، ووجدوا أن عدة مراجع تثبت أن وجود شخصية  روبن هود أمر حقيقي. وقد أمضى جراهام فيليبس سنوات عديدة في التحقيق في ملفات تعود الى القرون الوسطى، وقال أنه قد صدرت كتب عديدة، وكتبت أشعار و أنتجت أفلام تلفزيونية عن قصة روبن هود أكثر من أي شخصية أخرى في تاريخ إنجلترا. وللتأكد إن كان هناك روبن هود حقيقي، علينا أن نتأكد عن طريق العودة الى المراجع الأولى التي تتحدث عن هذا الشخص، سواء كانت خرافة أم سجلات تاريخية موثوق بها.

ظهرت أسطورة روبن هود للمرة الأولى في القرون الوسطى، وقلة من الناس كانوا يجيدون القراءة، فانتشرت القصص وشاعت من خلال قصص شعرية و أغان روائية، وكانت تتحدث عن روبن هود و جون الصغير الخارجين عن القانون، ويعيشان في الغابة، ويحاربان عمدة نوتنجهام الشرير.ولقد كان زمن فقر واضطهاد، فدخل روبن هود الى قلوب الناس.

وتم تطوير القصة فيما بعد لغاية القرن الخامس عشر عن طريق المواويل التي انتشرت حينذاك، والتي كانت تصف طرق روبن هود في الاختفاء والهروب، ومنها الثلاثية الشهيرة لقصص روبن هود.
تصف بعض الكتب روبن هود بالمخلص والبطل والمنقذ، فيما تصفه كتب أخرى بأنه فرد من مجموعة الـ "يومان" وهم صغار ملاكي الأراضي والحقول، بمعنى آخر، هناك الإقطاعيين والأغنياء الذين يملكون الأراضي الشاسعة والحقول الكبيرة، وهناك فئة صغار الملاك، وهي الفئة التي أتحدث عنها الآن، وهناك أيضا فئة العمال والبسطاء والفلاحين.

يقال أن الكثير من المجرمين وأفراد العصابات في القرون الثالث عشر والرابع عشر قاموا باستخدام الاسم "روبن هود" كاسم مستعار أو كاسم حركي  لجرائمهم، لذلك قد يصعب بعض الشيء أن نحدد شخصية روبن هود، ولكن يوجد أيضا الكثير من الملاحظات والأدلة التي تشير الى شخصية روبن هود الصحيحة.

تقول السيدة بولين ميلر والمسؤولة عن توثيق علاقة روبن هود بكنيسة القديسة مريم في وسط نوتنجهام، أنه توجد أغنية شعبية من القرن الرابع عشر، تربط شخصية روبن هود بهذه الكنيسة. وأن عمر هذه الأغنية الشعبية قد تجاوز الخمسمائة عام. تقول أن روبن هود جاء إلى نوتنجهام وحده، و سجد في كنيسة القديسة مريم فتعرف عليه أحد الرهبان لأن روبن ورفاقه  كان قد سلبوه في الغابة مسبقا. فلما رآه الراهب، خرج بصمت من الكنيسة ومشى نحو منزل عمدة نوتنجهام، وأخبر بمكان روبن، فجاء العمدة الى الكنيسة، و قبض على روبن هود و تم زجه في السجن، إلا أن صديقه جون الصغير عرف مكان روبن هود و ذهب إليه و أنقذه ليعود إلى الفرار مرة أخرى الى الغابة.

أبيات هذه القصيدة أو هذه الأغنية الشعبية تضع روبن هود في فترة زمنية ومعروفة، ولكن هذا الأمر يثير بعض الشكوك حول مصداقيتها، والسبب هو أن كنيسة القديسة مريم، بنيت بعد فترة من كتابة هذه القصيدة، فكيف يعقل أن روبن هود صلى في هذه الكنيسة وهي لم تبن بعد؟  رد بعض المؤرخين أنه كانت هناك كنيسة في نفس موقع بناء كنيسة مريم، وكانت تدعى كنيسة نورمن التي يعود تاريخها الى القرن الثاني عشر الميلادي، و ربما هي الكنيسة التي صلى فيها روبن هود.

على بعد مسافة قريبة من الكنيسة، تقدر بحوالي عشرين مترا، يوجد المتحف العدلي الآن، والقسم السفلي من هذا المتحف كان فيما مضى السجن المركزي نوتنجهام، وكان عبارة عن متاهة مكونة من عشرات الكهوف المخيفة والمظلمة، وحارس هذا المتحف اكتشف مكانا مثيرا، يعتقد أنه القبو الذي رمي في روبن هود وفقا لما جاء في القصيدة.

تسمى الزنزانة التي يعتقد أن روبن هود وأمثاله كانو قد زجوا به بـ "المكان المنسي" وهي عبارة عن حفرة عميقة، يرمى فيها السجين و يترك هناك حتى يموت جوعا، وهي حفرة عميقة لا يستطيع السجين أن يتسلقها أو ينجو منها، إلا أن جون الصغير أنقذه منها بأن رمى له حبلا حتى يقوم روبن بالاستعادة به و تسلقه.

توجد قصيدة أخرى تدل على أن روبن هود قد يكون شخص حقيقي، هي قصيدة بعنوان "مغامرة روبن هود الصغيرة" ، وبحسب هذه القصيدة فإن روبن هود ليس من مدينة نوتردام، بل مدينة يوركشاير هي مسقط رأسه ومكان وفاته أيضا، وتقول القصيدة أن روبن هود تعرض لجراح بليغة فقام أحد أفراد عصابته وهو جون الصغير، بنقل روبن الى دير للراهبات يدعى دير كيركليس ليقمن بعلاجه، ولكن لسبب مجهول، قامت الراهبة بخيانته ولم تعالجه، وتركته ينزف، وبحسب القصيدة فإن روبن هود هناك قام بإطلاق آخر سهم له من النافذة، و طلب من جون الصغير أن يقوم بدفنه في المكان الذي يسقط فيه السهم .دير كيركليس هو مكان حقيقي موجود حتى الآن، والغريب هو أن فيه قبرا غامضا مكتوب عليه باللغة الانجليزية القديمة، وعند ترجمة العبارة، وجدت أنها تقول: " روبن هود مدفون هنا "
 
107 مشاهدة
share تأييد