إن للرئيس التركي رجب طيب أردوغان عدة مواقف، ظهر فيها بصورة الذكوري الذي لا يحترم المرأة كإنسان، متحججا بالتزامه بالدين الإسلامي، فمثلا في العام 2019 اتهم السيدات اللواتي خرجن في مسيرة في إحدى أيام الجمعة في العاصمة التركية اسطنبول، كن قد خرجن واحتفلن بذلك اليوم بعيد المرأة العالمي، اتهمهن بعدم احترام الاسلام بسبب الهتافات التي كانت تصدر عنهن تزامنا مع آذان يوم الجمعة..
وفي إحدى تصريحاته أيضا، قال أن أمر المساواة بين الرجل والمرأة يتنافى مع الطبيعة، مما أثار استياء المنظمات الإنسانية التي تدعي الى المساواة بين الرجل والمرأة و عدم انتقاص حقوقها.
وكأنه لا زال مصمما على ان يتخذ من الاسلام سببا لتهميش دور المرأة، ادعى أردوغان لاحقا الى أن دور المرأة في الإسلام، ينحصر بالأمومة، مما وجده الكثيرون أمرا رجعيا ومتخلفا.
في الحقيقة ظهرت مؤخرا بعض الحركات النسوية الإسلامية، التي ترى بأنك من الممكن أن تكون مسلما ونسويا بنفس الوقت، أي أن تكون مناصرا لحقوق المرأة وترى أن الإسلام دليلا بينا على تكريمها، و رفعت شأنها.
في الحقيقة،أرى أن أردوغان على حق، ليس في نظرته للمرأة، إنما في التزامه بالدين، فقد حفظنا منذ صغرنا أن الإسلام كرم المرأة، رغم أنني شخصيا أرى أنه تعامل معها ككيان منحط الشأن، و أهانها و أذلها و قلل من شأنها، وهو كلام لا يقتنع به النسويون الإسلاميون، وأنا على علم مسبق بأن الكثير من الناس يحفظون جملة "الإسلام كرم المرأة" كالببغاء، و لن تعجبهم إجابتي، و سيخبرونني بأن الإسلام دين عظيم حرم وأد البنات، وغيرها من الردود الغير مقنعة، فاقتناعك أنت شخصيا برد أحد الشيوخ على موضوع حقوق المرأة و تكريمها في الإسلام، لا يعني بالضرورة أنه رد مقنع، فالشخص المسلم الذي لا يريد أن يفقد إيمانه، من الطبيعي جدا أن يقنعه ضعيف الحجج .
و عندما ترى أننا نطرح نفس المشكلة مرارا وتكرارا، هذا يعني أن موضوع تكريم الإسلام للمرأة أمر غير مقنع، حتى لو أقنعك انت، والأمر ليس حجة مكررة، إنما هو مازال حجة على الإسلام.
إن الشخص المسلم بشكل عام، يتبنى إحدى المنهجين، فإما أن يكون مسلما قرآنيا، غير مؤمن بالأحاديث والسنة، أو مسلم مؤمن بالقرآن ومن بعده الأحاديث والسنة، وسواء من الجماعة الأولى أو الثانية، في كلتا الحالتين، أرى أن المرأة في النصين لم تنجو من التحقير، وتعامل معها باستمرار على أنها إنسان من الدرجة الثانية، فالنص الأشهر بالقرآن والذي رد عليه المدافعين، تقول سورة النساء في الآية رقم 34، الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ وَبِمَا أَنفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ ۚ فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ لِّلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اللَّهُ ۚ وَاللَّاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ ۖ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلَا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلًا ۗ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيًّا كَبِيرًا (34)أراها آية ملغومة بكل ما هو ضد النساء، ولا أفهم كيف يتجاوزون آية كهذه ليقولو أن المرأة مكرمة في الإسلام، وإن حاولت أن أتدبر آيات القرآن بغرض فهمه وتفسيره، فسيقولون بأنني أفسر الآية على مزاجي، وأن للآية معنى آخر، ولو أتيت لك بالمعنى من التفاسير كالطبري مثلا، سيقولون أن هذه التفاسير هي اجتهادات بشر، والتفاسير ليست معصومة عن الخطأ..
في هذا النص الشرعي بالذات، من أول الآية التي بدأت ب"الرجال قوامون على النساء بما فضل الله بعضهم على بعض وبما أنفقوا من أموالهم"، تبدأ الآية بتفضيل إلهي واضح بأن الله فضل بعضهم على بعض، بالإضافة الى أن الرجال طالما هم مسؤولون عن الإنفاق من أموالهم على النساء، لذا يملكون حق القوامة، أي أن علماء التفسير أكدوا أن الله فضل الرجال على النساء، ففي تفسير الطبري يذكر أن الرجال قوامين على النساء ونافذي الأمر عليهن بسبب إنفاقهم عليهم، وقال أيضا أهل التأويل أن الرجل قائم على المرأة ويأمرها بطاعة الله، فإن أبت، فله أن يضربها ضرب غير مبرح وله عليها الفضل في نفقته وسعيه، أي انه من وجهة نظر الإسلام فإن الله فضل الرجال على النساء.
باقي الآية والتي تعتبر مرجع للإسلام في التعامل مع المرأة تقول "فالصالحات قانتات" ، يعني مطيعات، فعلى النساء أن تطيع أزواجهن، وفي البداية على الرجل أن ينصح زوجته ويعظها، فإن لم تطعه، فليهجرها في الفراش، ويمتنع عنها ويتركها، واذا عاندت أكثر و تحملت الهجر في الفراش، فالمستوى التأديبي التالي هو الضرب ضربا غير مبرحا، وهذا أمر لا يتناسب مع احترام المرأة.
كما أن الإسلام دل على أن المرأة لا تتولى مناصب الإدارة والقضاء، وذلك بحجة أنهن ناقصات عقل ودين وعاطفيات، فحديث الرسول الذي يقول " لن يفلح قوم ولوا أمرهم امرأة" لاعتبار أن الأمر يحتاج الى شدة و حزم لا تقدر عليها المرأة، فالإسلام يعتبر أن أمر الولاية لا يتناسب مع فطرة المرأة، ولأن المرأة أرق و اعطف وأرحم، فمن وجهة نظر الشريعة ، اعتبرت أن أطفالها هم الأولى بولايتها، أي أن وظيفتها الأساسية تتمحور حول مواضيع الإنجاب والتربية والرعاية، أما الرجل فالإسلام يعتبره أقدر على الكدح والعمل وتحمل المهام، لذلك لا نسمع عن نبيات سيدات من الإناث، فالمرأة من وجهة نظر الإسلام، لا يمكنها نشر الأديان والسفر لتبليغ الرسالة، لأنها أولا تحتاج لمحرم يرافقها، كما أنه يحرم عليها الاختلاط بالرجال، وبالتالي فإن إعطاء المرأة حجما و واجبات وحقوق مساوية لحجم وواجبات وحقوق الرجل تتسبب في تعطيل جملة من الأحكام الشرعية الإسلامية، وبالتالي لا يمكن للإسلام أن يقبل أن تكون المرأة مساوية للرجل، بل هي تكمله.
بالإضافة الى أن هناك بعض الأعراف نشأت في العالم الإسلامي منذ القدم، يقول بعض الفقهاء أنها لا تمت الى الدين بصلة، فهم يؤكدون على أن المرأة أعطيت حقوقا عدة منها حق التملك، وحق البيع، وحق الانتخاب، حيث كان النبي يبايع النساء مثلما كان يبايع الرجال، كما أن الإسلام سمح للمرأة أن تخرج مع المسلمين في القتال في المعارك، كما أن المسلمين فخورين بأن المرأة الأولى في الإسلام كانت تشتغل في التجارة، وهي خديجة بنت خويلد، كما أنهم يعتبرون ان الإسلام قد كرمها بعدم منعها من الكلام وإبداء الرأي، في بعض المواقف، لذا أعتقد أن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان كان صادقا في وجهة نظره، وأن ما ذكره من واجبات المرأة كان قد استمدها من الدين الذي يعتنقه، وأن كلامه فعلا يمثل رأي الإسلام في دور المرأة في المجتمع.