الإنسان قبل سن البلوغ غير مكلف بالإجماع ولا يجب عليه وجوباً تكليفياً ما يجب على البالغ، ولا يحاسب حسابه ولا تكتب سيئاته بالإجماع حتى لو كان مميزاً يفهم الخطاب ويدرك معناه.
وإنما اختلف العلماء فقط في مسألة كتابة الحسنات للصبي المميز الذي يفهم الخطاب الشرعي ويدرك المعنى ويعقل ما يقوم به:
- فبعض العلماء قال: لا تكتب حسناته أيضاً كما لا تكتب سيئاته، وإنما يطالب الصبي المميز الذي بلغ 10 سنوات بالصلاة تأديباً له وتعليماً له على الصلاة حتى يعتادها عند بلوغه، والذي يؤجر هو وليه الذي أمره بالصلاة.
- وبعض العلماء قال: تكتب له حسنات ولا تكتب عليه سيئات، فإذا صلى أو صام أو فعل أي طاعة وعبادة فإنه يكتب له أجرها، ولكن إذا فعل معصية فلا يكتب عليه سيئات، وغن كان يجب على وليه تأديبه ومنعه من ارتكاب المعاصي وتعليمه.
وهذا القول استند إلى ما ورد في الأحاديث النبوية من تعليم الأطفال الصلاة وهم أبناء سبع وضربهم عليها وهم أبناء عشر، وإلى ما كان الصحابة يفعلونه من تعليم أبنائهم الصيام وتدريبهم عليه قبل بلوغهم.
واستدلوا كذلك بحديث المرأة الخثعمية التي رفعت صبياً للنبي عليه الصلاة والسلام وقالت: ألهذا حج، فقال نعم ولك أجر.
وهذا القول ليس ببعيد على فضل الله وكرمه أن يجازي الطفل على ما فعل من حسنات قبل بلوغه وإن كان لا بكتب سيئائه.
وهذا القول أرجح، بل بعض العلماء عمم مسألة الأجر على الصبي غير المميز
قال ابن عبد البر: " غَيْرَ مُسْتَنْكَرٍ أَنْ يُكْتَبَ لِلصَّبِيِّ دَرَجَةٌ وَحَسَنَةٌ فِي الآخِرَةِ بِصَلاتِهِ وَزَكَاتِهِ وَحَجِّةِ وَسَائِرِ أَعْمَالِ الْبِرِّ الَّتِي يَعْمَلُهَا وَيُؤَدِّيهَا عَلَى سُنَّتِهَا تَفَضُّلا مِنْ اللَّهِ كَمَا تَفَضَّلَ عَلَى الْمَيِّتِ بِأَنْ يُؤْجَرَ بِصَدَقَةِ الْحَيِّ عَنْهُ، أَلا تَرَى أَنَّهُمْ أَجْمَعُوا عَلَى أَمْرِ الصَّبِيِّ بِالصَّلاةِ إذَا عَقَلَهَا"
وقال ابن جماعة "وَعِنْدَ الأَرْبَعَةِ أَنَّ الصَّبِيَّ يُثَابُ عَلَى طَاعَتِهِ وَتُكْتَبُ لَهُ حَسَنَاتُهُ كَانَ مُمَيِّزًا أَوْ غَيْرَ مُمَيِّزٍ وَيُرْوَى ذَلِكَ عَنْ عُمَرَ رضي الله عنه وَنَقَلَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ الإِجْمَاعَ عَلَى ذَلِكَ".
وأنبهك أن الطفل وإن كان غير مخاطب بالأحكام التكليفية ولكنه مخاطب بالأحكام الوضعية فلو أتلف مالاً فعليه ضمانه من ماله، وتجب في أمواله الزكاة على الراجح.
والله أعلم.