نعم روي عن بعض الصحابة والتابعين بأسانيد صحيحة أن الله خلق جنة عدن بيده وغرس شجرها بيده، ولكنه لم يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم من قوله، فالأحاديث المرفوعة في ذلك إلى النبي عليه السلام ضعيفة على الصحيح.
لكن المروي عن الصحابة صحيح، ومثل هذه المسألة من مسائل الغيب التي لا يمكن أن يتلكم بها الصحابة من عندهم أو على ظنهم، لذلك يقول العلماء أن مثل هذا له مثل حكم الرفع إلى النبي عليه الصلاة والسلام.
فقد روي عن النبي عليه الصلاة والسلام من حديث عن أنس بن مالك - رضي الله عنه - قال: الرسول الله - صلى الله عليه وسلم -: " خلق الله جنة عدن ، وغرس أشجارها بيده فقال لها: كلمي. قالت:لح المؤمنون".
هذا الحديث رواه الحاكم في المستدرك وحكم عليه أنه صحيح ولكن الراجح أنه ضعيف ،وكذلك سائر الأحاديث المرفوعة إلى النبي عليه السلام في هذا الباب ضعيفة.
ولكن روي بسند صحيح عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: (خلق الله أربعة أشياء بيده: العرش والقلم وعدن وآدم ، ثم قال لسائر الخلق: كن فكان).
وروي عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال "خلق الله تبارك وتعالى الجنة لبنة من ذهب، ولبنة من فضة، وملاطها المسك، فقال لها: تكلمي، فقالت: (قد أفلح المؤمنون)، فقالت الملائكة: طوبى لك، منزل الملوك "
فهذا الأثر صححه ابن القيم موقوفاً على أبي سعيد الخدري في كتابه حادي الأرواح إلى بلاد الأفراح ، وصححه الألباني موقوفاً كذلك في السلسلة الصحيحة.
وقد جاء في الحديث عن مسلم فيما يرويه النبي عليه السلام عن ربه (أولئك الذين أردت غرست كرامتهم بيدي، وختمت عليها، فلم تر عين، ولم تسمع أذن، ولم يخطر على قلب بشر)
فبعض العلماء فسر قوله (كرامتهم) بأنها الجنة نفسها، وعليه يكون في هذا الحديث الصحيح شاهد على هذا الخبر.
أما الحكمة من خلق الله جنة عدن بيده الكريمة:
فهي إكرام المؤمنين بخلق جزائهم وثواب طاعتهم له يوم القيامة بيده الكريمة، فقد شرف الله الجنة بذلك وشرف المؤمنين أيما تشريف.
مع التنبيه أن يد الله وكيفية خلقه لجنة عدن لا تشابه كيفية المخلوقين في ذلك ، بل نؤمن بذلك ونفوض الكيفية إلى الله تعالى كما يليق بجلاله وعظمته.
والله أعلم