يقول جون فيفر, مدير السياسات الأجنبية في معهد دراسات السياسات, أن الحروب لا تنتهي بل تتجمّد. إن حرارة الصراعات بين الدول تنخفض ولكنها لا تنمحي أبداً. وآثار هذه الحروب ستبقى موجودة وسنتكيّف ونتغيّر من أجلها, مثل آثار الحرب العالمية الأولى والحرب المدنية الأمريكية, وحرب المئة عام بين إنجلترا وفرنسا, حيث أن هذه الحرب إمتدت آثارها على أجيال عديدة طوال هذه السنين المئة, كشأن الحرب بين العراق وأفغانستان.
إن آثار الحروب تتربّع وتتأصّل فينا حتى لو بعد عشرات السنين. والدولة المحظوظة والقوية طبعاً هي من تملك القدرة على الوقوف والمضي للأمام, بالرغم من جميع الآلام والخسائر المجمدة, كاليابان بعد قنبلة هيروشيما.
الحرب بين الكوريتين لم تنتهي ولكنها توقفت بفعل هُدنة بعد أكثر من ستين سنة من النزاع, لم تقع معاهدة سلام تنهي الحرب, ولكن هُدنة وتعليق للحركة. خلال هذه الحرب نشأت الصراعات الكلامية بين كوريا الجنوبية والشمالية, إطلاق النار على المساحة المائية بينهما. كان بإمكان هذه الحرب ان تشتعل أكثر فأكثر, ولكن قررت الكوريّتان الجزيرة إلى جزيرتين.
طبعاً يجدر الذكر أن الحرب المجمّدة تختلف عن الحرب الباردة, الحرب الباردة بين الولايات المتحدة الأمريكية والإتحاد السوفييتي لم تتضمن القتال الفعلي أبدا. بل نزاعاً سياسياً وإقتصادياً وإعلامياً.
وفقاً لعالم النفس ستيفن بينكر فإن البشرية الآن تعيش في أكثر الأوقات سلاماً في التاريخ. يتفق معه الكثير من الباحثين, في أن نسبة الوفيات الناتجة عن الحروب انخفضت عن السابق. وأن الوفيات الناتجة عن العنف تتراجع بشكل طردي مع زيادة حجم المجتمعات والسكان, حيث تحولت هذه المجتمعات من حالة الصياد والفريسة الى حالة المجتمع الأهلي الصحي.
في رأيي الشخصي, إن الحروب لن تنتهي أبداً بمعنى الإنتهاء, لأن الإنسان لا يستطيع العيش بدون القتال, المنافسة, الإستيلاء والإستحواذ والسيطرة على ما لا يملكه, حتى وإن تجمّدت الحروب هذا لا يعني نهايتها, حتى لو قلّت نسبة الوفيات, او إنخفضت عدد الحروب القائمة حالياً مقارنةً بسابقاتها, فهذا لا يعني أنها إنتهت أيضاً, فالحروب ترجمة لطبيعة الإنسان وتفكيره وتصرفاته ورغباته الوحشية.