هل سبق ومررت بتجربة التفكير الزائد وتخلصت منها؟ ماذا يمكنني أن أتعلم من تجربتك؟

 

أود أن أبدأ إجابتي بمعلومة قد تفيدك كثيراً وهي أن عقلنا يضخّم الأمور؛ فيكبر الشيء ويعطيه أكثر من حجمه على أرض الواقع! 
 
نعم... لقد سبق لي وأن أسرت بالتفكير الزائد أكثر من مرة، وقد تمكنت في النهاية من التحرر وحل هذه المشكلة، إلا أنني تأخرت في ذلك فأثر هذا الموضوع على صحتي ونفسيتي وعلاقاتي بشكل كبير. 

 
تجربتي مع التفكير الزائد...
 
لقد مررت بعدة مواقف كنت أعاني فيها من التفكير الزائد وآخرها كان العام الماضي عندما قدمت أختي وأولادها من دبي لعمان لعلاج وتأهيل طفلها الذي يعاني من ضمور في الدماغ، وقد تزامن هذا مع بداية أزمة الكورونا، فكنت أفكر ليل نهار بابن أختي الذي أعشقه وكأنها ابني، وكيف سأساعده وهل سننجح في التخفيف من آلامه... انشغلت بالبحث عن أفضل المعالجين والأخصائيين والمراكز المتخصصة، وكنت أذهب لبيت أختي مشياً على الأقدام عند فك الحظر الساعة العاشرة تقريباً كل يوم لأساعدها في متابعة جلسات عمر "أون لاين"، وأحياناً كنت أحمل معي أغراضاً وحاجيات لنقلها لبيتها، فأصبحت أعاني من التهاب حادٍ في أوتار كفيّ بسبب الأغراض التي كنت أحملها وكثرة الشد على يديّ بسبب التوتر والعصبية، لدرجة أنني لم أكن أحياناً أستطيع النوم من شدة الألم، ولم أستطع أن أساعد أختي كما يجب في جلسات عمر وخاصة العلاج الطبيعي التي كانت تحتاج منا لمجهود بدني كبير مع عمر.
 
 بعدها أدركت أن ما أفعله هذا أثر سلباً على عمر وأخر في خطة علاجه بدلاً من أن يسرعها ويسهلها، فقررت أن أمضي قدماً معه وأن أهتم بنفسي لأستطيع أن أهتم به وبأختي التي كانت تعاني من الاكتئاب، فكنت أسمع بكاءها في كثير من الأحيان وخاصة في ساعات الليل، فتشتكي لي ألمها بسبب مرض ابنها وبعدها وأطفالها الآخرين عن والدهم واضطرار الأسرة أن تتشتت لأجل عمر. قررت أن أكون السند لها ولعمر فتوليت أنا أمره، حتى أنني فيما بعد تفرغت له تقريباً وطلبت من أختي أن تعود هي وأولادها الآخرين لدبي حيث زوجها في حين أتولي رعاية ابنها هنا في عمان وتحمل مسؤوليته بالكامل، وفعلاُ وافقت وزوجها على ذلك واستلمت عمر لفترة حتى يتحسن ويتعلم بعض المهرات التي تساعده على العناية بنفسه.
 
 بدأت أتخلص من مشكلة التفكير الزائد بأن أحاول أن أكون إيجابية، وبعدت فعلاً عن الناس الذين كانوا يستغربون كيف قررت تحمل مسؤوليته ويخيفونني من هذا، وكذلك عن المعالجين الذين كانوا يتعاملون مع حالة عمر وكأنها حالة ميؤوس منها، فكنت أصر على التعامل مع المعالجين الذين يؤومنون فيه وبقدراته ويبثون في نفسي الأمل في كل مرة أزورهم فيها.
 
 كانت ابتسامة عمر تحفزني أن أهتم بنفسي جسدياً ونفسياً؛ فتوكلت على الله لأنني أعلم أن الله لطيف بعباده وأنني لن أكون أحن عليه من خالقه، فبدأت بتعلم تمرينات التنفس العميق، وعدت لممارسة التمرينات الرياضية التي تفرحني وخاصة الرقص بعجلة الهيلاهوب، وشغلت نفسي بالكتابة لعدة مواقع إلكترونية لأفضفض وأمارس شيئاً أحبه ولأقتل وقت فراغي تماماً، وفي نفس الوقت أرحت ضميري بعد أن اجتهدت في فعل كل ما بوسعي لمساعدة عمر، كما أصبحت أطلب المساعدة عندما أحتاجها، فأحياناً أخرج وأترك عمر عند والدتي، فلم أعد أخاف أن أسلمه لأحد كما كنت من قبل... كل هذه الأمور ساهمت في تخليصي شيئاً فشيئاً من التفكير الزائد الذي كاد يدمر لو لم أنتبه على نفسي في الوقت المناسب. 

نعم فقد حاولت التامل وقراءه كتب تطوير الذات وسؤال نفسي لما1ا افكر بذالك الشيء