هذا السؤال مهم، لأنه سيسمح للكثير من القطاعات بالعودة التدريجية للعمل، والحد من الانقطاعات والحجر الصحي الذي قامت به وتقوم به الدول، مع الالتزام التام بإجراءات الوقاية والسلامة والتباعد الاجتماعي.
يشبه فيروس كوفيد- 19 الكثير من الفيروسات في طريقة الجسم في التعامل معه من خلال تكوينه لمنظومة مناعية. يفترض أن يحتفظ جسم الإنسان المصاب بذاكرة الفيروس لبضع سنوات على الأقل، ويجب حمايته من الإصابة مرة أخرى، على الأقل على المدى القصير.
يوضح أستاذ علم الأحياء في كلية طب ماونت سيناي إيكان، بنجامين تينأوفر أن الفيروس عندما يهاجم الخلية الأولى في الجسم، ستصدر هذه الخلية سلسلة من الإشارات الكيميائية للحصول على تعزيزات لتنشيط جيش الخلايا المناعية لمواجهة الفيروس، كما تقوم بإصدار التحذيرات للخلايا المحيطة من خلال إطلاق الإنتروفين حتى تقوّي نفسها وتبدأ في الدخول في الحالة الدفاعية، فتبدأ بتبطيء عملية التمثيل الغذائي، وعملية النسخ لمحاولة منع الفيروس من عمل نسخ منه، وتوقف نقل البروتينات والجزيئات حول أجزاء الخلية الداخلية. هنا يبدأ كوفيد- 19 بحجب الإنتروفين، فلا تدخل الخلايا في الوضع الدفاعي وخاصة الرئتين، فيستمر الفيروس في التكاثر فيهما.
ومع ذلك، يمكن التغلب على الفيروس، دون معرفة سبب ذلك. فيبدأ الجيش الدفاعي بمهمته بمهاجمة الخلايا المصابة، ثم هضم الحطام والمواد الكيميائية من الخلايا الميتة، والوصول لقتل الخلايا المجاورة لوقف الضرر. قد يؤدي ذلك لالتهاب أنسجة الرئة بشكل ميؤوس منه؛ ثم تبدأ الأوعية الدموية في تسرب السوائل إلى الرئة؛ وهذا على ما يبدو أنه سبب إصابة بعض الأشخاص بمرض شديد بعد أسبوعين من إصابتهم الأولية. ومع ذلك، يبدو من المرجح أن الناجين من COVID-19 سيحتفظون بمناعة ضد الفيروس. وبالفعل، وجدت الدراسات مستويات عالية من الأجسام المضادة لـ SARS-CoV-2 في المرضى الذين تعافوا مؤخرًا. هذه الأجسام المضادة المصنعة من الجهاز المناعي بما يسمى الخلايا البائية، تلتصق بالدم، وترتبط بالفيروس، وتقوم بمعادلته أو تمييزه لتدميره بواسطة الخلايا المناعية.
كما ينتج الجهاز المناعي أيضًا نوعًا من الخلايا المناعية يسمى الخلايا التائية الخاصة بالفيروس استجابةً لعدوى فيروس كورونا. التي ستستمر لسنوات، قد تصل مدتها إلى 11 عام بعد الإصابة كما أشارت بعض الأبحاث. قال فابريت وسامستين: " إنه ليس من الواضح حتى ما إذا كان شخص ما لديه مناعة يمكن أن ينشر الفيروس التاجي للآخرين أثناء محاربة عدوى ثانية". تشير الدراسات إلى أنّ الفيروس قد يبقى في المضيف لمدة خمسة أو ستة أشهر، ولا توجد دراسة تشير لاستمرار المناعة لفترة أطول. لكن من المؤكد وجود مناعة تكيفية لمدة أسبوعين.
في نهاية الأمر، لم يتمكن الباحثون من تحديد مستوى الذاكرة المناعية التي يمكن أن يصل لها الفيروس على المدى الطويل والكافية للحماية من الإصابة بفيروس كورونا في المستقبل. كما لم يمكنهم تحديد المدة التي يحتاجها الجهاز الناعي للوصول لمستويات منخفضة تؤهل الجسم للإصابة بالفيروس مرة أخرى. يمكن للقاحات أن تقلّد البروتينات الفيروسية التي تساعد في استجابة الجهاز المناعي بشكل أكثر فعالية من الوضع الطبيعي، مما يعطي أملًا في إحداث مناعة تدوم لوقت أطول.
المراجع: