نعم ورد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم مجموعة أحاديث تدل على الترغيب في تكثير النسل والإنجاب وتبين أن هذا من المقاصد الشرعية الأساسية للنكاح ، ومن هذه الأحاديث :
1. عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال:" كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمر بالباءة، وينهى عن التبتل نهيا شديدا، ويقول: تزوجوا الودود الولود، فإني مكاثر بكم الأمم يوم القيامة ". (رواه احمد وصححه الحاكم ).
2. ونهى النبي عليه الصلاة والسلام أحد الصحابة عن الزواج بأمرأة عاقر وأرشده إلى البحث عن امرأة ولود :
فعن معقل بن يسار رضي الله عنه : " أن رجلا جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله، أصبت امرأة ذات حسب وجمال، وإنها لا تلد أفأتزوجها ؟ قال: لا، ثم أتاه الثانية، فنهاه، ثم أتاه الثالثة، فقال: تزوجوا الودود الولود، فإني مكاثر بكم الأمم يوم القيامة". (رواه أبو داود والترمذي وغيرهما )
3. و عن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " النكاح من سنتي، فمن لم يعمل بسنتي فليس مني، وتزوجوا فإني مكاثر بكم الأمم..." (رواه ابن ماجه وحسن الألباني ).
فقوله في الحديث ( فإني مكاثر بكم الأمم ..) دليل أن المقصود من النكاح والزواج هو إنجاب الأولاد وتكثير النسل .
وهذا المقصد والحث من الإسلام على تكثير النسل ليس مقصوده مجرد الإنجاب دون تربية أو تعليم للطفل وتنشئة له على مكارم الأخلاق ، بل هو مرتبط به وتابع له ، فلا بد مع النظر إلى الأحاديث الآمرة بالإنجاب وتكثير النسل النظر إلى الأحاديث التي تأمر الآباء والأمهات بالإحسان إلى أولادهم وتربيتهم وتعليمهم أمور دينهم ودنياهم ، فالإسلام لا يريد عدداً مجرداً يكون عبئاً وغثاء كغثاء السيل ، وإنما يريد النوعية مع العدد فكلا الأمرين مرتبطين متلازمين .
فالأمة الإسلامية أمة دعوة ورسالة وهداية وجهاد وهذا ولا شك يحتاج عدداً ونسلاً ورجالاً ونساءً ، وتكثير المسلمين الصالحين هو قوة لهذه الأمة وعون لها على رسالتها .
ولكن لما صار حال المسلمين إلى الهوان الذي نراه اليوم وصاروا تبعاً لأعدائهم وفقدوا عزتهم بأنفسهم ودينهم ، صرنا نشاهد الدعوات الكثيرة لتحديد النسل وتقليل عدد الأولاد تقليداً للغرب الذي صارت مجتمعاته شيخوخية بائسة ، وذلك تحت دعاوى شتى كإراحة الأم والحرص على صحتها ، أو تنظيماً لموارد الأرض ،فإن موارد الأرض لن تكفي للزيادة السكانية المطردة بزعمهم ،وكأنهم هم من يرزقون ويعطون ويمنحون !!
والله أعلم