ومن منا لا يحب أن يكون مرتاحًا ماديًا!، فحب المال أمر قد فطر الله الإنسان عليه؛ فقال تعالى"الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ خَيْرٌ عِنْدَ رَبِّكَ ثَوَابًا وَخَيْرٌ أَمَلًا". فالمال من الأمور التي تزين حياتنا وتجعل منها نعيمًا ورغدًا، وأعتقد أن رغبة الاستزادة منه أمر فطري لدى الجميع.
لكن بكل تأكيد الشيء الفطري الذي يحبه الناس ليس مجموعة من الأوراق القطنية المستطيلة و لا قطع معدنية دائرية الشكل، الشيء الذي نحبه هو قدرتها على تأمين احتياجاتنا الأساسية من طعام وشراب وملبس، وتأمين بعض الحاجات النفسية الطبيعية -ما لم تتجاوز حدها- مثل حب السلطة والمكانة الاجتماعية وتحقيق الذات.
المشكلة الحقيقية تكمن بقيام بعض الأشخاص بجعل المال لغة لا يتكلم ولا يسمع إلا بها، أو البعض الأخر الذي يعتبر أن المال هو أساس كل الشر؛ فيجب امتلاك ما يوفر أبسط احتياجاته ولا يبقي على بعضه ليدخره ليوم حاجته.
الصفتين السابقتين اعتبرهم من الأفكار المكتسبة؛ فالأول يحاول أن يعوض شعور النقص الذي بداخله بالمال، أو أنه قد مر بتجربة تعرض بها للإهانة أو الرفض أو الضعف بسبب سوء حالته المالية، فبالتالي أتخذ من المال وليًا ليفرض سلطته ويكون مكانته الاجتماعية المرموقة باستخدامه.
والأخرى يقوم بها رجال الدين غالبًا (من الأديان جميعها) بتشجيع الناس -الذين أرادوا السير في الطريق الذي يرضاه الله- باتباع نمط حياة يسوده الزهد والتقشف؛ للحصول على ما وعدوا به من نعيم وأجر عظيم في الحياة الأخرة.
وعادة ما يقع في مثل هذه المواقف الأشخاص ذوي المعرفة البسيطة بأمور وأصول الدين، وبنفس الوقت يثقون ثقة عمياء بأي رجل دين لبق الكلام، يدعي التقى ورغبته بمساعدتهم. فتعرض فكرة صرف المال على التنعم بكماليات الحياة، والاكتفاء عند الأخذ من أساسياتها كفعل من شرور النفس وطمعها.
علاقتك مع المال علاقة يجب أن تحسن إدارتها؛ فالمال ليس مصدر شرور لتتخلص منه بأسرع وقت ممكن، ولا الإنسان مثله مثل أي قطعة ملابس معروضة بالمحلات، قيمتها تحددها بطاقة السعر المعلقة عليها. قم باستخدام المال لتتنعم بالأساسيات ومن حين إلى أخر ببعض الكماليات. خصص جزءًا من مالك للأقل منك حظًا؛ لتكون بذلك أمنت على قلبك من أن يفسد من داء الطمع، وشكرت الله تبارك وتعالى على نعمته الذي خصّك بها.
50 مشاهدة
