صلاة التراويح لا تجب في جماعة ولا فرادى، لأنها سنة في الأصل وليست بواجبة، إذ لا يجب إلا الصلوات الخمس المفروضة، وصلاة التراويح يسن أن تصلى جماعة أو فرادى لكن الأفضل أن تصلى في جماعة خاصة إذا كنت ممن يقتدى به وينظر فعله حتى يكون في ذلك تشجيعاً للناس على صلاتها وإقامة لهذه الشعيرة.
وتوضيح ذلك:
أن صلاة التراويح: هي قيام الليل في رمضان الذي يكون بعد صلاة العشاء مباشرة، وسمي بالتراويح لأن الصحابة والسلف كانوا يتروحون يعني يرتاحون بين كل ركعتين.
وصلاة التراويح صلاها النبي عليه الصلاة والسلام في رمضان ابتداءً واقتدى به بعض الصحابة فصلوا معه ثماني ركعات، ثم صلاها معهم الليلة القابلة ثماني ركعات كذلك ثم امتنع عن الخروج والصلاة في المسجد وصلاها في بيته وصلى الصحابة فرادي.
وإنما منع النبي عليه الصلاة من دعوة جميع الصحابة إلى هذه الصلاة أو متابعة صلاتها مع الصحابة في سائر ليالي رمضان إنما هو مخافة ان تفرض عليهم التراويح فتشق عليهم ويتخلفوا عنها فيأثموا بتركها، وخشية أن يعتقد البعض فرضيتها لاستمرار الناس عليها.
عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّى ذَاتَ لَيْلَةٍ فِي الْمَسْجِدِ فَصَلَّى بِصَلَاتِهِ نَاسٌ، ثُمَّ صَلَّى مِنْ الْقَابِلَةِ، فَكَثُرَ النَّاسُ، مَّ اجْتَمَعُوا مِنْ اللَّيْلَةِ الثَّالِثَةِ أَوْ الرَّابِعَةِ، فَلَمْ يَخْرُجْ إِلَيْهِمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَلَمَّا أَصْبَحَ قَالَ: (قَدْ رَأَيْتُ الَّذِي صَنَعْتُمْ، وَلَمْ يَمْنَعْنِي مِنْ الْخُرُوجِ إِلَيْكُمْ إِلا أَنِّي خَشِيتُ أَنْ تُفْرَضَ عَلَيْكُمْ) وَذَلِكَ فِي رَمَضَانَ (متفق عليه)
فلما مات النبي عليه الصلاة والسلام، واستقرت الدولة الإسلامية بعد حروب المرتدين، وتولى عمر رضي الله عنه الخلافة دخل المسجد في رمضان فرأ الصحابة يصلونها فرادى على شكل مجموعات كل مجموعات يؤمها أحدهم، فجمعهم رضي الله عنه على إمام واحد وهو أبي بن كعب رضي الله عنه فكانوا يصلونها عشرين ركعة وكانوا يطولون فيها ، ثم صلاها السلف في المدينة المنورة بعد ذلك 36 ركعة و 3 ركعات وتر.
واستمر المسلمون يصلونها بعد ذلك جماعة في المسجد.
روى البخاري عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدٍ الْقَارِيِّ أَنَّهُ قَالَ : خَرَجْتُ مَعَ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ لَيْلَةً فِي رَمَضَانَ إِلَى الْمَسْجِدِ ، فَإِذَا النَّاسُ أَوْزَاعٌ مُتَفَرِّقُونَ، يُصَلِّي الرَّجُلُ لِنَفْسِهِ ، وَيُصَلِّي الرَّجُلُ فَيُصَلِّي بِصَلَاتِهِ الرَّهْطُ، فَقَالَ عُمَرُ : إِنِّي أَرَى لَوْ جَمَعْتُ هَؤُلاءِ عَلَى قَارِئٍ وَاحِدٍ لَكَانَ أَمْثَلَ، ثُمَّ عَزَمَ فَجَمَعَهُمْ عَلَى أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ.
وصلاة التراويح جماعة في المسجد أفضل لعدة أمور:
1. أن في ذلك إقامة لهذه الشعيرة وتكثيراً لسواد المسلمين فيها وعمارة للمساجد.
2. أن ذلك أنشط للنفس وأبعد عن الكسل.
3. أن في ذلك تنشيطا وتشجيعاً لسائر المسلمين.
4. أنك بشهودك التراويح مع الإمام حتى ينصرف تنال أجر قيام الليلة كاملة.
كما روي عنْ أَبِي ذَرٍّ رضي الله عنه قَالَ : ال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( مَنْ قَامَ مَعَ الإِمَامِ –يعني في صلاة التراويح- حَتَّى يَنْصَرِفَ كُتِبَ لَهُ قِيَامُ لَيْلَةٍ) (رواه الترمذي) .
ولم يمنع النبي عليه الصلاة والسلام من استمرار صلاتها في المسجد إلا خشية فرضها على المسلمين كما أخبر هو بنفسه عليه الصلاة والسلام.
" قَالَ إِسْحَاقُ رَحِمَهُ اللَّهُ قُلْت لأَحْمَدَ: الصَّلاةُ فِي الْجَمَاعَةِ أَحَبُّ إِلَيْك أَمْ يُصَلِّي وَحْدَهُ فِي قِيَامِ شَهْرِ رَمَضَانَ ؟ قَالَ: يُعْجِبُنِي أَنْ يُصَلِّيَ فِي الْجَمَاعَةِ"،
والله أعلم