هل تؤمن بأهمية النضال لتحقيق الوحدة العربية الشاملة في ظل دولة موحدة، أم إن هذه الأفكار أكل عليها الزمان وشرب؟

2 إجابات
profile/أريج-عالية-1
أريج عالية
educational consultant في freelance (٢٠١٨-حالياً)
.
٠٧ مايو ٢٠٢١
قبل ٤ سنوات
لا يمكن النظر لمفهوم الوحدة العربية الشاملة من منظور ضيق. فما يوحدنا هو أكبر بكثير من دولة موحدة. ففي التاريخ، وبالرغم من عدم قيام دولة موحدة بشكل رسمي، وتوحد العرب في التحالفات الحربية ضمن دول مختلفة، استطاع العرب الفوز وتحقيق النصر. أنا مع مشروع الوحدة العربية الذي يمكن أن يجسد الترابط الثقافي والحضاري واللغوي بين أبناء الأمة العربية. كما يمكن لها أن تحد من التوجهات الاستعمارية الطامحة الاستبدادية للسيطرة على موارد هذه الدول. هذه المطامع الاستعمارية سعت لمنع الوحدة العربية، ولإبقاء الأمة متناحرة، ومنقسمة على ذاتها، ومتشرذمة لمنعها من استثمار مواردها ورفع قيمة حضارتها الإنسانية وتوسيع إمكانيتها مقارنة بدول العالم.

ومع وجود العديد من التناقضات ما بين حاجة الأمة للتوحد لمواجهة أعدائها، رغبة الدول أن تستقل بعيدًا عن السيطرة الفردية لحكم موحد، وطمع أعداء الأمة في خيراتها ومقدراتها، وبين العوائق الداخلية والخارجية التي تحول دون تحقيق هذه الوحدة، ظهرت الحاجة للوقوف وتأمل الموقف من جوانبه المتعددة، ومحاربة أكبر معاركها من أجل استقلال دولها جميعًا، وضمان حرية مواطنيها، والتوجه نحو خطط تنموية مجتمعية، وتحقيق العدالة المجتمعية والسياسية ضمن أنظمتها، وتجديد عطائها الحضاري، لتحقيق أهداف مشروعها النهضوي الذي يستهدف الوحدة العربية، ويتتبع التكامل بين عناصرها، ويساوي ما بين تلك العناصر، بلا مقايضة أو مفاضلة أو إقصاء.

ومع التطور الحضاري والسياسي والاقتصادي السريع، نجد أن لا مكان ولا مستقبل الآن للتكتلات الصغيرة. حتى أن هذه التكتلات قد اندثرت وتمازجت ضمن أمم وجماعات مختلفة، وقد لا يجمعها أي موروث حضاري أو ثقافي أو ديني أو عرقي أو لغوي. بل شهدت فيما بينها العديد من الصراعات الطاحنة، والحروب الدموية العنيفة. لكن تغلبت مصالحها العامة والسياسية والاقتصادية، ورغبتها بالتفوق والتطور والتقدم على أي مبادئ وتحفظات. وخير مثال على ذلك الاتحاد الأروبي الذي يضم دولًا مختلفة في لغتها، وتركيبتها السكانية، وعاداتها وتقاليدها، وموروثاتها، لكن تشابهت في تقديم مصالحها ورفعة اتحادها على مكتسباتها البالية من تاريخ دموي لا يرحم.

لكن عند النظر للدول العربية سنجد أنها تمتلك تلك الدعائم والتشابهات، والمصالح والمبادئ المشتركة، ترتبط بعقائد وقيم وارتباطات تاريخية وتقاليد وعادات متشابهة، وحتى لهجات متقاربة. هذه التقاربات تجعل أمر الوحدة هيّنًا، ويدفع منتسبيها للابتعاد عن التناحر والعزلة والتقهقر والانقسام. فأمر الوحدة العربية تفرضه مصلحة كل قطر بحد ذاته، ومصلحة الوطن العربي الكبير. إن النظرة الموضوعية الحيادية للوحدة العربية تستوجب التصالح مع فكرة التكامل الوحدوي المنظومي الأممي، والابتعاد عن التشرذم القبلي العنصري.

إن الواقع التنموي العربي الحالي يُظهر الأزمات المتلاحقة التي أدت لتراجع الأقطار العربية في كل المجالات، وتدافعها نحو الكماليات والاعتماد على الغير، برغم الإمكانيات العظيمة التي يمتلكها كل قطر على حده، فما بالك لو اجتمعت تلك الإمكانيات ضمن بوتقة وحدوية اقتصادية عربية؟. وهذا لا يمنع من إدارة كل قطر شؤونه وفق منظومته، بشرط وضع الأمور في نصابها على طاولة التفاهم، والحفاظ على السيادة الوطنية المستمدة من السيادة القومية الأممية، مع تشكل آلية من الديمقراطية التشاركية التي تستقطب المشاركة الشعبية الفاعلة لتضمين قواعد الحكم وأسسه.

فالديمقراطية والوحدة صنوان لعملة واحدة لا يمكن فصلهما، ولا يمكن اعتبار ذلك جزء من الشعارات البراقة التي عفا عنها الزمن، ولا أفكار قديمة متآكلة، فالتقدم مرتبط بالديمقراطية الحقيقية في ظل دولة موحدة، أيًا كانت الصيغة التقريرية التي يتم الاتفاق عليها، طالما ضمنت مصلحة الأمة تكون فوق كل المصالح، وتمكين القوى الشعبية من ممارسة حقوقها كاملة ومن ضمنها حق على التعبير والتغيير، لتقوم في الجهة المقابلة بتقديم وتنفيذ واجباتها على أكمل وجه. لقد ظهر بعض من الوحدة العربية ضمن الصحوة العربية الشعبية التي شهدناها في 2011، وقد ظهرت من خلال الحركات الشعبية، التي نقلت حراكها بين الدول، وتداولت ذات الشعارات وذات الأفكار، ومنها حق التغيير والتدبير والتعبير.

إلا أن العثرات حصلت بسبب الانكفاء القطري، وعدم تبني مشاريع وبرامج تكاملية عربية وحدوية لا قطرية، والاكتفاء بالثورات الشعبية ضمن نطاق ضيق، مما جعل ذلك الحراك قاصرًا، ودعا بعض مسؤوليه للاستعانة ببعض القوى الخارجية وهذا اختراق صريح وتشويه وتقزيم وتجويف لهذه الحراكات رغم أصالة بداياتها، ووطنية أهدافها، ومصداقية مناضليها. فابتعدت عن أطرها الدقيقة التي أسست وبنت عليها ثوراتها، مما عرضها للتقزيم والتحجيم وحتى الانتهاء والقضاء على جذوتها.

يمكن للوحدة العربية أن توفر القدرة الكاملة على التواصل والتكامل والتفاعل والتناغم بين الدول العربية حضاريًا واستراتيجيًا في ظل كيان قوي كبير، يحررهم من هواجس التوسع ضمن مشاريع تنموية، وتوعية، ومستقبلية فريدة الأداء، دون حدوث انقياد للقواعد البالية، والتوابع الروتينية البيروقراطية القاتلة التي تمنع التقدم نحو تحقيق تلك الوحدة بمنطلقاتها وأساسياتها ومتطلباتها. مع ضرورة الابتعاد عن نمطية السيطرة الذي يغري بعض القادة لاتباع نمط موحد ديكتاتوري استبدادي محدود. إن اتباع بعض الأيدولوجيات أو الثيوقراطيات سيحجّم من بناء تلك الوحدة العربية ضمن أطر ترابطية شاملة.

على الدول العربية تجنب انقسام الكيانات القطرية، والخضوع للتكتلات الصغيرة، ونظام الرئيس الأوحد، والابتعاد عن الصراعات والحروف البينية التجاورية على قضايا يمكن حلها بالقليل من المرونة، وتقليل المشاريع الإقليمية الاتحادية التي تؤجج الصراعات والفتن والحروب الأهلية سواء الكامنة أو المعلنة والتي ترتكز على عصبيات لا يمكن وصفها بالوطنية أو حتى القومية. مع القضاء أو على الأقل تحجيم المعوقات الخارجية والداخلية، الذاتية والموضوعية التي حالت وما زالت تحول دون قيام أي شكل من أشكال الوحدة العربية، بل كان لها الدور الأكبر في تحطيم أي محاولة أو مبادرة أو تعاون عربي موحد.

حتى صيغ التضامن العربي وهو الشكل الأدنى من أشكال العمل أو التعاون العربي المشترك تم قمعه، وأسقطت المحاولة الوحدوية المعاصرة بين مصر وسوريا، وإجهاض أي محاولات أخرى في مهدها منها ما كان سيحصل بين مصر وسوريا والعراق. لذا وجب البحث عن أصول تلك المعوقات ووأدها من جذورها، لمنع الانزلاق في الثغرات، والانقسامات والاحتكار، والفساد متعدد المظاهر والأشكال. كما يجب الوقوف أمام التنظيرات الفكرية ذات الأبعاد الثقافية التي تسببت في الكثير من الحروب العسكرية والإعلامية والثقافية، من خلال التمسك بصغر الأمور وسواقطها لصالح الكيانات القطرية والتعصبات الطائفية والعرقية التي تتفرع لهويات وأثنيات متناحرة.

وخلاصة الأمر، علينا التوجه نحو مخاض عربي، وندعم مؤشراته التي بدأت بالنمو وتتجه نحو النمو المتسارع للوصول لمرحلة النضوج، وقد ظهر هذا الاتجاه بسبب الرقمنة والثورة الصناعية الرابعة التي تدفع الشباب نحو الانفتاح ونبذ الخوف والمناداة بالحقوق مهما حدث. هؤلاء الشباب هم الرؤية المستقبلية التي سترفع من شأن النضال العربي وتحقيق الوحدة العربية الشاملة، فلا يمكن لهذه الأفكار أن تنضب، ولا يمكن لها أن تذوب في خضم العوائق والسلبيات والصعوبات التي تواجهها الأمة العربية. 

  • مستخدم مجهول
قام 1 شخص بتأييد الإجابة
profile/حسين-سمير-3
حسين سمير
محامي قانوني
.
٣٠ سبتمبر ٢٠١٩
قبل ٥ سنوات
النضال لتحقيق الوحدة العربيه , هو امر هام و واجب قومي لكل عربي , و النضال انما يكون من خلال الدعاوي السلميه لانشاء وطن عربي قومي كبير , و القضاء علي التفكك بين الدول العربيه و الذي تم تحديدا عقب سقوط الدولة العثمانية .
فأنا شخصيا مؤمن كامل الايمان ان القوة لن تكون الا في الاتحاد العربي , و لن تستعاد الاراضي المغتصبة الا بالوحدة العربيه الشامله , و لن يعلوا شأن العرب مرة اخري كما كان لا في حالة الاتحاد العربي الشامل .