هل المديون لله أو للناس لو مات يٌحبس في قبره ولا يدخل الجنة؟

1 إجابات
profile/دمحمد-الطويل-1
د.محمد الطويل
الفقه وأصوله
.
١٩ مايو ٢٠٢١
قبل ٤ سنوات
نعم ورد في حديث أن روح المدين مرتهنة في قبره حتى يقضى دينه، كذلك صح في الحديث أن المدين يحبس عن الجنة حتى يقضى دينه أو يُرضى الدائن.

قد جاء في الحديث أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال (نسمة المؤمن مرتهنة في قبره بدينه حتى يقضى عنه) رواه الترمذي وحسنه الألباني.

وفي رواية (نَفْسُ الْمُؤْمِنِ مُعَلَّقَةٌ بِدَيْنِهِ حَتَّى يُقْضَى عَنْهُ) (رواه الترمذي)
 
والنسمة هي الروح، ومعنى كونها مرتهنة في قبره يعني محبوسة عن دخول الجنة ومعلقة في مكانها حتى يقضى دينه أو يتجاوز عنه الله إن كان دينه لله تعالى، أو يُرضى دائنه إن كان دينه لآدمي.

وكذلك معنى كونها معلقة: فهي معلقة عن دخول الجنة حتى يُقضى دينه.

وهذا التعليق منذ موت المدين، فروح المؤمن تكون بعد موته في الجنة على شكل طائر يعلق في شجر الجنة، وروح الشهيد تكون في حواصل طير خضر تسرح في الجنة حيث تشاء كما جاء في الأحاديث الصحيحة.

فقد روي في الحديث (إنَّما نسمةُ المؤمنِ طائرٌ تعلَّقَ في شجرِ الجنةِ، حتى يُرْجِعَه اللهُ تعالى إلى جسدِه يومَ يبعثُه) (رواه ابن ماجة وحسنه الألباني)

وقال النبي عليه السلام عن الشهداء (أرواحُهم في جوفِ طيرٍ خُضْر، لها قناديل معلَّقة بالعرش، تسرحُ من الجنة حيث شاءتْ، ثم تأوي إلى تلك القناديل...) (متفق عليه)

فهذا النعيم لروح المؤمن إنما هو بعد الموت في حياة البرزخ وقبل البعث يوم القيامة، فروح المؤمن المدين الذي لم يترك وفاءً لدينه تكون معلقة عن هذا التكريم وهذا النعيم حتى يقضى عنه دينه.
 
 وعنْ مُحَمَّدِ بْنِ جَحْشٍ رضي الله عنه قَالَ: (كُنَّا جُلُوسًا عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَرَفَعَ رَأْسَهُ إِلَى السَّمَاءِ، ثُمَّ وَضَعَ رَاحَتَهُ عَلَى جَبْهَتِهِ ثُمَّ قَالَ: سُبْحَانَ اللَّهِ! مَاذَا نُزِّلَ مِنَ التَّشْدِيدِ؟ فَسَكَتْنَا وَفَزِعْنَا، فَلَمَّا كَانَ مِنَ الْغَدِ سَأَلْتُهُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَا هَذَا التَّشْدِيدُ الَّذِي نُزّلَ؟ فَقَالَ: وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ! لَوْ أَنَّ رَجُلا قُتِلَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ثُمَّ أُحْيِيَ، ثُمَّ قُتِلَ، ثُمَّ أُحْيِيَ، ثُمَّ قُتِلَ، وَعَلَيْهِ دَيْنٌ مَا دَخَلَ الْجَنَّةَ حَتَّى يُقْضَى عَنْهُ دَيْنُهُ) (رواه النسائي وحسنه الألباني).

فهذا التعليق لروح المؤمن لأجل دينه يشمل بظاهره دين الله كالزكاة والنذر، وديون الآدميين، لأن لفظ الحديث عام ويشمل النوعين، بل قد جاء في الحديث (اقضوا الله فالله أحق بالقضاء).

فالواجب على ورثة الميت أن يسعوا أولاً لقضاء دينه وتحليل ذمته فيبحثوا إن كان عليه حقوق على أحد فيقضوها تبرئة لذمته، سواء كانت لله أو لآدميين قبل اقتسام ورثته.

وعلى الإنسان أن يوصي ويبين الحقوق التي عليه تبرئة لذمته حتى لا يكون مفرطاً في حقوق الناس ويؤثم على ذلك، بل عليه أن يكتب ويوثق ويوصي ويوضح كل ما عليه، فإن فلع ذلك يرجى له لو قصر الورثة أن يرحمه الله ويغفر له ويرضى الدائن أو يتجاوز سبحانه عن حقه يوم القيامة.

والله أعلم