هل الذِّكر يُطفئ غضب الرب أم أن ذلك مخصوص بصدقة المال

1 إجابات
profile/د-محمد-ابراهيم-ابو-مسامح
د. محمد ابراهيم ابو مسامح
ماجستير في التربية والدراسات الاسلامية
.
١٨ ديسمبر ٢٠٢٠
قبل ٤ سنوات
الذكر والصدقة هي من الأعمال الصالحة التي يتقرب بها المسلم إلى الله تعالى ، والذكر من أ فضل الأعمال ، بل هي أفضل من النفقة والصدقة ، وأفضل من لقاء العدو : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( ألا أنبئكم بخير أعمالكم، وأزكاها عند مليككم؟ وأرفعها في درجاتكم؟ وخير لكم من إنفاق الذهب والورق؟ وخير لكم من أن تلقوا عدوكم فتضربوا أعناقهم ويضربوا أعناقكم؟ قالوا: بلى، قال: ذكر الله ) رواه مالك، وأحمد، والترمذي، وابن ماجه، وصححه الألباني.

- ولم يرد نص صريح أن الذكر يطفئ غضب الرب سبحانه وتعالى ، ولكن الله تعالى يحب الذاكرين ، ولا يمنع أن يكون الذكر مما يطفئ غضب الرب تعالى ، قال الله تعالى : ( إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَالْقَانِتِينَ وَالْقَانِتَاتِ وَالصَّادِقِينَ وَالصَّادِقَاتِ وَالصَّابِرِينَ وَالصَّابِرَاتِ وَالْخَاشِعِينَ وَالْخَاشِعَاتِ وَالْمُتَصَدِّقِينَ وَالْمُتَصَدِّقَاتِ وَالصَّائِمِينَ وَالصَّائِمَاتِ وَالْحَافِظِينَ فُرُوجَهُمْ وَالْحَافِظَاتِ وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ اللَّهُ لَهُم مَّغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا ) سورة الأحزاب (35) .

- أما الصدقة فقد ورد نص صريح أنها تطفئ غضب الرب ، فإذا أذنب العبد ذنباً يستوجب غضب الله تعالى ، ثم قام على الفور فتصدق ( صدقة التطوع ) إبتغاء أن يغفر الله تعالى له ذنبه ، فإن هذه الصدقة تطفئ غضب الله تعالى على ذلك العبد ويعفو عنه ويتوب عليه إذا تاب . ففي الحديث الشريف قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( الصدقة تطفئ غضب الرب، وتدفع ميتة السوء )  رواه ابن حبان، والطبراني

- ولو عدنا إلى سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم والصحابة الكرام - رضوان الله تعالى عليهم - والسلف الصالح ، لوجدناهم كيف كانوا يتسابقون إلى الصدقة في السر والعلن إبتغاء مرضات الله تعالى ، حتى كان بعضهم يتصدق بقوت عياله الوحيد ولم يبقي لهم شيئاً!!!
 ومن الأدلة على ذلك :
- عن جرير عن أبيه قال: «كُنَّا عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي صَدْرِ النَّهَارِ قَالَ فَجَاءَهُ قَوْمٌ حُفَاةٌ عُرَاةٌ مُجْتَابِي النِّمَارِ أَوْ الْعَبَاءِ مُتَقَلِّدِي السُّيُوفِ عَامَّتُهُمْ مِنْ مُضَرَ بَلْ كُلُّهُمْ مِنْ مُضَرَ فَتَمَعَّرَ وَجْهُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِمَا رَأَى بِهِمْ مِنْ الْفَاقَةِ فَدَخَلَ ثُمَّ خَرَجَ فَأَمَرَ بِلَالًا فَأَذَّنَ وَأَقَامَ فَصَلَّى ثُمَّ خَطَبَ فَقَالَ: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ إِلَى آخِرِ الْآيَةِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا}، وَالْآيَةَ الَّتِي فِي الْحَشْرِ: {اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ}. تَصَدَّقَ رَجُلٌ مِنْ دِينَارِهِ مِنْ دِرْهَمِهِ مِنْ ثَوْبِهِ مِنْ صَاعِ بُرِّهِ مِنْ صَاعِ تَمْرِهِ، حَتَّى قَالَ: وَلَوْ بِشِقِّ تَمْرَةٍ قَالَ فَجَاءَ رَجُلٌ مِنْ الْأَنْصَارِ بِصُرَّةٍ كَادَتْ كَفُّهُ تَعْجِزُ عَنْهَا بَلْ قَدْ عَجَزَتْ قَالَ: ثُمَّ تَتَابَعَ النَّاسُ حَتَّى رَأَيْتُ كَوْمَيْنِ مِنْ طَعَامٍ وَثِيَابٍ حَتَّى رَأَيْتُ وَجْهَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَتَهَلَّلُ كَأَنَّهُ مُذْهَبَةٌ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " مَنْ سَنَّ فِي الْإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا بَعْدَهُ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَنْقُصَ مِنْ أُجُورِهِمْ شَيْءٌ وَمَنْ سَنَّ فِي الْإِسْلَامِ سُنَّةً سَيِّئَةً كَانَ عَلَيْهِ وِزْرُهَا وَوِزْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا مِنْ بَعْدِهِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَنْقُصَ مِنْ أَوْزَارِهِمْ شَيْءٌ» رواه مسلم .

- وعليه : فعلى المسلم أن يبادر دائماً إلى الذكر ، فالذكر من اسهل الأمور على المسلم وأقلها تكلفة وأكثرها أجراً عند الله تعالى ، ولا يحتاج إلى وقت معين ولا يحتاج إلى وضوء أو طهارة ، كذلك الصدقة لها أجر عظيم عند الله تعالى ، ولو كانت قليلة في نظر المتصدق ، وليعلم المتصدق أن حاجته للصدقة أكثر من حاجة المتصدق عليه !!!

- ففي الحديث الصحيح : ( مَن تَصَدَّقَ بعَدْلِ تَمْرَةٍ مِن كَسْبٍ طَيِّبٍ، ولَا يَقْبَلُ اللَّهُ إلَّا الطَّيِّبَ، وإنَّ اللَّهَ يَتَقَبَّلُهَا بيَمِينِهِ، ثُمَّ يُرَبِّيهَا لِصَاحِبِهِ، كما يُرَبِّي أَحَدُكُمْ فَلُوَّهُ، حتَّى تَكُونَ مِثْلَ الجَبَلِ) رواه البخاري .