القاعدة الشرعية الأصولية تقول: (الأصل في الأشياء الإباحة ما لم يرد دليل مخصوص على التحريم).
وقد جاء قولين مختلفين بحكم زيارة البحر الميت.
فقد ثبت أن البحر الميت هو مكان خسف قرى قوم لوط، ولذلك نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن الدخول على المعذبين ومساكنهم، فضلاً عن الجلوس والصلاة في تلك الأماكن، إلا أن يكون الرجل باكياً، فإن لم يكن باكياً، فلا يدخل عليهم، ولا يمر بديارهم.
لما ثبت عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما، (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: لا تدخلوا على هؤلاء المعذبين إلا أن تكونوا باكين، فإن لم تكونوا باكين فلا تدخلوا عليهم لا يصيبكم ما أصابهم.) رواه مسلم والبخاري.
فجاء هذا النهي عندما مر النبي صلى الله عليه وسلم مع أصحابه إلى ديار ثمود وهم متجهين إلى تبوك.
كما ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم أمرهم بإلقاء العجين وإهراق الماء الذي استقوه من تلك الأرض.
وكان رأي الشيخ الإسلام ابن تيمية: النهي عن عبور ديارهم إلا على وجه الخوف المانع من العذاب.
فكتب التفاسير والتاريخ الإسلامي أقرت بأن البحر الميت هو مكان خسف قرى قوم لوط، كما أنه في كتب أهل الكتاب نجد بأنها نصت على أن البحر الميت منطقة خسف وعذاب
وقد نشرت صحيفة الصنداي تايمز اللندنية: إن مدينة سدوم - أكثر المدن إثما في نظر الكتب المقدسة - على وشك.
وقد قال ابن كثير رحمه الله في تفسيره:
ولوط هو ابن هاران بن آزر، وهو ابن أخي إبراهيم الخليل، عليهما السلام، وكان قد آمن مع إبراهيم عليه السلام، وهاجر معه إلى أرض الشام، فبعثه الله إلى أهل " سدوم "، وما حولها من القرى، يدعوهم إلى الله عز وجل، أمرهم بالمعروف، نهاهم عما كانوا يرتكبونه من المآثم، والمحارم، والفواحش، التي اخترعوها، لم يسبقهم أحد من بني آدم، ولا غيرهم، وهو إتيان الذكور! وهذا شيء لم يكن بنو آدم تعهده، ولا تألفه، لا يخطر ببالهم ، حتى صنع ذلك أهل " سَدُوم " عليهم لعائن الله.
والقول الثاني:
أن منطقة البحر الميت، لم يثبت دليل شرعي على أنها منطقة عذاب قوم لوط ولا غيرهم، والأصل في الأشياء الإباحة كما ذكرنا بالسابق، ولا فرق بين البحر الميت وغيره من الأماكن في الحكم الشرعي حتى يثبت الدليل الشرعي بتخصيصه بحكم خاص.
- وعليه: فإن منطقة البحر الميت، لم يثبت أنها كانت منطقة عذاب قوم لوط ولا غيرهم، ولذلك جوز الانتفاع بما يخرج من البحر الميت من ملح ونحوه، مما يجوز الانتفاع به، ولم يكن محرماً لعلة أخرى.
ومجرد ذكر كتب التفسير أنها منطقة قوم لوط لا يؤثر وحده في الحكم، لأن كتب التفسير لم تسند ذلك إلى خبر صحيح عن المعصوم صلى الله عليه وسلم، وإنما هي أقوال خلو عن الدليل، فلا يمكن اعتمادها في إثبات حكم شرعي.
- وإذا ثبت طبياً أنه يمكن استخدامه في علاج بعض الأمراض فلا مانع من ذلك أيضاً، وإذا ذهب إليه لمجرد الاستحمام فلا شيء فيه أيضاً إذا خلا من الاختلاط والعري المحرمين.
- والذي يذهب زائراً سائحاً إلى تلك البقعة لن يعدم نظراً أو سمعاً محرَّماً، اللهم إلا أن يكون هناك مكان لا يأتيه أحدٌ من أولئك المفسدين، ويأمن فيها المسلم على نفسه، وأسرته.
- والبحر الميت: هو بحيرة مالحة جدا، وتقع في الأردن وفلسطين عند مصب نهر الأردن، ويعد من أخفض بقاع الأرض حيث يبلغ 399 م تحت مستوى سطح البحر،
والبحر الميت هو أشد المسطحات المائية ملوحة في العالم، إذ تبلغ ملوحته تسعة أضعاف ملوحة المحيط، وهو جزءًا من الحدود الفاصلة بين فلسطين، والأردن
وقد سمي بالبحر الميت: لأن الأسماك والحيوانات البحرية لا يمكن أن تعيش فيه ولا يوجد فيها سوى القليل من النباتات.
وعليه نقول: أن الأولى أن يبتعد المسلم عن زيارة البحر الميت للسياحة وللزيارته، وذلك اتقاءً لمواطن الشبهات. والله أعلم.