النبي المسؤول عنه وهو زكريا عليه الصلاة والسلام ، لم يصم عن الكلام ثلاثة أيام حتى يرزقه الله الولد كما قد يفهم البعض من القصة ، وإنما كان عدم قدرته على الكلام ثلاثة أيام آية له من الله سبحانه تطمئنه إلى بشرى رزقه بالولد رغم كبر عمره و وكون امرأته عاقرا .
فزكريا عليه السلام لما رأى إكرام الله لمريم وزرقه لها بدون حساب ، توجه إلى الله ربه أن يرزقه ولدا رغم أن أسبابه في الظاهر مقطوعة لأن امرأته كانت عاقرا لا تلد ، لكن الله برحمته ومنته وكرمه ومكافاة لزكريا عليه السلام على طاعته وامتثاله خضوعه وخشوعه لربه ، أصلح له زوجه ووهبه ابنه يحيى عليه السلام .
فلما جاءته البشارة بيحيى سأل ربه أن يعطيه آية تزيده يقينا بحصولها وتحققها فأعطاه الله هذه الآيه وهي عدم قدرته على الكلام ثلاثة أيام رغم أنه لم يكن به علة قبل ذلك .
فامتناعه عن الكلام ثلاثة أيام لم يكن صياما منه ليهبه الله الولد وإنما كان آية من الله له تطمئنه على حصول تلك البشرى .
قال تعالى في مطلع سورة مريم عليها السلام :
(كهيعص (1) ذِكْرُ رَحْمَتِ رَبِّكَ عَبْدَهُ زَكَرِيَّا (2) إِذْ نَادَىٰ رَبَّهُ نِدَاءً خَفِيًّا (3) قَالَ رَبِّ إِنِّي وَهَنَ الْعَظْمُ مِنِّي وَاشْتَعَلَ الرَّأْسُ شَيْبًا وَلَمْ أَكُن بِدُعَائِكَ رَبِّ شَقِيًّا (4) وَإِنِّي خِفْتُ الْمَوَالِيَ مِن وَرَائِي وَكَانَتِ امْرَأَتِي عَاقِرًا فَهَبْ لِي مِن لَّدُنكَ وَلِيًّا (5) يَرِثُنِي وَيَرِثُ مِنْ آلِ يَعْقُوبَ ۖ وَاجْعَلْهُ رَبِّ رَضِيًّا (6) يَا زَكَرِيَّا إِنَّا نُبَشِّرُكَ بِغُلَامٍ اسْمُهُ يَحْيَىٰ لَمْ نَجْعَل لَّهُ مِن قَبْلُ سَمِيًّا (7) قَالَ رَبِّ أَنَّىٰ يَكُونُ لِي غُلَامٌ وَكَانَتِ امْرَأَتِي عَاقِرًا وَقَدْ بَلَغْتُ مِنَ الْكِبَرِ عِتِيًّا (8) قَالَ كَذَٰلِكَ قَالَ رَبُّكَ هُوَ عَلَيَّ هَيِّنٌ وَقَدْ خَلَقْتُكَ مِن قَبْلُ وَلَمْ تَكُ شَيْئًا (9) قَالَ رَبِّ اجْعَل لِّي آيَةً ۚ قَالَ آيَتُكَ أَلَّا تُكَلِّمَ النَّاسَ ثَلَاثَ لَيَالٍ سَوِيًّا (10) فَخَرَجَ عَلَىٰ قَوْمِهِ مِنَ الْمِحْرَابِ فَأَوْحَىٰ إِلَيْهِمْ أَن سَبِّحُوا بُكْرَةً وَعَشِيًّا (11))
فواضح من الآيات أن امتناعه عن كلام كان آية من الله ولم يكن صياما اختياريا من زكريا عليه السلام .
والله أعلم