حرص الخلفاء الراشدين على إقامة حكم الله تعالى وإقامة حدود الله كما بينها لهم القرآن الكريم والسنة النبوية.
ففي عهد الخليفة أبو بكر الصديق رضي الله عنه:
- فلم يعين لا قاضيا ولا حكما فقد كان يقضي ويحكم بما أمر الله تعالى في القرآن الكريم والسنة النبوية وكان بعض فقهاء الصحابة يقوم بالقضاة إذا احتاج الأمر.
-فكان أبو بكر الصديق رضي الله عنه يقضي بنفسه إذا ما عرض عليه أمر في القضاء.
- فقد عهد أبو بكر في المدينة إلى عمر بالقضاء، ليستعين به في بعض الأقضية، ولكن هذا لم يعط لعمر صفة الاستقلال بالقضاء، كما أن الصحابي أبو بكر الصديق رضي الله عنه قد أقرَّ معظم القضاة، والولاة الذين عيَّنهم رسول الله صلى الله عليه وسلم واستمرُّوا على ممارسة القضاء، والولاية، أو أحدهما في عهده.
-أما في عهد الخليفة عمر بن الخطاب رضي الله عنه:
أولا: الصحابي القاضي زيد بن ثابت رضي الله عنه.
- بدأ في عهد عمر بن الخطاب رضي الله عنه تعين بعض من الصحابة رضوان الله عنهم في أمور القضاة، فعين الصحابي زيد بن ثابت وكان يعرف بالقاضي العادل فقد ولاه عمر بن الخطاب أمر القضاء.
قال الإمام ابن الجوزي عنه في كتابه "صفة الصفوة:
- هو زيد بن ثابت بن الضحاك أبو سعيد وقيل أبو خارجة، قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة وهو ابن إحدى عشرة سنة وأجيز في الخندق وكان يكتب الوحي لرسول الله صلى الله عليه وسلم.. أمره أبو بكر رضي الله عنه أن يجمع القرآن وأمره عثمان رضي الله عنه أن يكمل مهمته فكتب المصحف وأبي بن كعب يملى عليه".
- فقد أثنى عليه النبي صلى الله عليه وسلم حين قال: (أرحم أمتي أبو بكر وأشدها في دين الله عز وجل عمر وأصدقها حياء عثمان وأعلمها بالفرائض زيد بن ثابت).
- وقد امتاز الصحابي زيد بشخصية قوية مؤمنة وقد تفوق في العلم والحكمة، فكان يتابع القرآن الكريم حفظاً، وكان الوحي لرسول الله صلى الله عليه وسلم، وحين يبدأ رسول الله في إبلاغ دعوته للعالم الخارجي كله، وإرسال كتبه لملوك الأرض وقياصرتها، يأمر زيداً بأن يتعلم بعض لغاتهم فيتعلمها في وقت وجيز.
ثانيا: الصحابي أبو الدرداء وهو عويمر بن زيد بن قيس.
- فكان الإمام القدوة. وهو قاضي دمشق، وهو صاحب رسول الله - صلى الله عليه وسلم
وكان حكيم هذه الأمة. وسيد القراء بدمشق.
ثالثا: الصحابي عبد الله بن مسعود رضي الله عنه:
- فقد كان رضي الله عنه قاضيا صائبا في عهد الخليفة عمر بن الخطاب رضي الله عنه فكان فقيها في الشريعة عالما بالقرآن الكريم تفسيرا وقراءة حتى إنه كان يفتخر بأخذه سبعين سورة عن النبي الكريم،
- وقد كان قاضيا عادلا حكيما في قضائه وحكمه مسددا وقد ولاه الصحابي عمر بن الخطاب قضاء الكوفة وظل فيها صدرا من خلافة عثمان رضي الله عنه، وقد كان صوته في القرآن نديا حتى أن النبي عليه الصلاة والسلام كان يحب أن يسمع القرآن منه.
رابعا: الصحابي شريح بن الحارث الكندي رضي الله عنه:
- وهو قاضي الكوفة وكان قاضيا فقيها وبقي قاضيا في الكوفة لستين عاما، وقد قال عنه الصحابي علي بن أبي طالب:
-أنه أقضى العرب وقد عاش مائة وثمان سنين وتوفي سنة 78 هجرية وقيل ثمانين وترك القضاء قبل موته بسنة واحدة.
خامسا: الصحابي عبيدة السلماني رضي الله عنه:
- وقد عين قاضيا على قضاء الكوفة. وكان ألمعيًا في اختياره لهما فقد خدما الناس مدة طويلة في مجال القضاء خلال عصر الراشدين وعصر الأمويين.
- فقد صح عن عُبَيدةَ بنِ عمرٍو قال: (كتب إليَّ عليٌّ وإلى شُرَيحٍ أن اقْضوا كما كنتم تقضون يعني في أمِّ الولدِ وإنِّي أكرَهُ الاختلافَ حتَّى يكونَ للنَّاسِ جماعةٌ أو أموتُ كما مات أصحابي) رواه البخاري في صحيحه.
سادسا: الصحابي عبادة بن الصامت فقد عين على قضاء حمص وقنسرين وكان قائد فتح الإسكندرية سنة 25 هـ، عينه عمر بن الخطاب رضي الله عنه قاضياً على الشام وأقام بحمص
في عهد الصحابي عثمان بن عفان رضي الله عنه:
- فكان رضي الله عنه يعين القضاة على الأقاليم حينًا، فقد عين كعب بن سور على قضاء البصرة،
- وقد عين كذلك يعلى بن أمية واليًا وقاضيًا على صنعاء.
ويلاحظ أن بعض الولاة كانوا يختارون قضاة بلدانهم بأنفسهم، ويكونون مسئولين أمامهم مما يشير إلى ازدياد نفوذ الولاة في خلافته.
أما في عهد الصحابي علي بن أبي طالب رضي الله عنه:
- فقد قال رضي الله عنه (بعثني رسول الله، صلى الله عليه وسلم، إلى اليمن قاضياً، فقلت يا رسول الله، ترسلُني وأنا حديثُ السنِّ ولا علمَ لي بالقضاء؟ فقال: “إن الله عز وجل سيهدي قلبَك ويُثَبِّتُ لسانَك، فإذا جلس بين يديك الخصمان فلا تقضينَّ حتى تَسمع من الآخِر كما سمعتَ من الأول، فإنه أَحْرى أن يتبيَّن لك القضاء) أخرجه أبو داود
-فكان يتولى القضاء بنفسه في الكوفة، أما الأمصار فكان تعيين القضاة غالبًا من قبل الولاة، ولكن عليًا عين بعض القضاة مباشرة.
-وكانت مصادر الحكم في عصر الخلافة الراشدة هي القرآن والسنة والإجماع والاجتهاد والرأي.
والله أعلم.