الذي تولى غسل السيدة فاطمة الزهراء ضي الله عنها وأرضاها على الراجح هو زوجها علي بن أبي طالب رضي الله عنه وأسماء بنت عميس رضي الله عنها .
أما ما روي من أنها غسلت نفسها قبل أن تموت، ووصت أن لا يغسلها أحد لئلا ينكشف جسدها، وأن علياً دفنها دون غُسل ، فهذا كلام غير صحيح ومنكر كما قال الإمام الذهبي رحمه الله ، لأن تغسيل الميت واجب وهو حق للميت فكيف لفاطمة أن تسقط هذا الواجب وتتركه .
وروى الإمام الذهبي في سير أعلام النبلاء عن أم جعفر : أن فاطمة قالت لأسماء بنت عميس : إني أستقبح ما يُصنع بالنساء، يُطرح على المرأة الثوب فيصفها. قالت: يا ابنة رسول الله، ألا أريك شيئاً رأيته بالحبشة؟ فدعت بجرائد رطبة فحنَتْها، ثم طرحت عليها ثوباً، فقالت فاطمة : ما أحسن هذا وأجمله، إذا مت فغسليني أنت وعليّ، ولا يدخلن أحد عليً.
فهذا الصحيح أنها أوصت أن يغسلها علي زوجها وأسماء بنت عميس وكان ما أرادت .
ويستفاد من قصتها ووصيتها شدة عفتها رضي الله عنها وطهرها إلى درجة أنها كانت تخاف أن يصف كفنها جسمها بعد موتها فأهمها هذا الموضوع ، حتى اقترحت عليها أسماء تغطية نعشها بجريد النخل فأعجبها ذلك وأمرت به !
فهذه سيدة نساء العالمين فاطمة رضي الله عنها تخشى من وصف كفن الموت جسمها بعد موتها ، فأين نساء المسلمين عنها اليوم !
كما يستفاد من قصتها جواز تغسيل الزوج زوجته بعد موتها كما هو مذهب جمهور العلماء.
وكانت فاطمة أول أهل بيت النبي عليه الصلاة والسلام لحوقا به ووفاة بعده حيث لم تمكث بعده إلا ستة أشهر ثم توفيت رضي الله عنها .
قال ابن كثير رحمه الله في البداية والنهاية :
" وتُلقب فاطمة بالبتول لانقطاعها عن الدنيا، ولدت لعليّ الحسن والحسين وزينب وأم كلثوم، كانت مشيتها مشية رسول الله كما قالت عائشة، وتوفيت فاطمة بعد رسول الله بستة أشهر وهذا أصح ما قيل، وما رؤيت ضاحكة بعد وفاته ﷺ حتى لحقت بالله تعالى وكانت أول أهله لحوقا به وهي أول من غُطيَ نعشها في الإسلام وأوصت أن تُدفن ليلا، قيل: توفيت لثلاث خلون من رمضان سنة إحدى عشرة وكان عمرها 29 سنة، وقيل: 30 رحمها الله تعالى".
والله أعلم