لا بد أن التسامح يجب أن يكون دائماً خيارك الأول في علاقتك مع نفسك ومع الآخرين؛ فكلنا نخطئ، ولو حقدنا على أنفسنا عندما نخطئ لفقدنا ثقتنا بأنفسنا ولما تطورنا على أي من الأصعدة ولعشنا بسلبية، ولو لم نسامح من أخطأ بحقنا من الناس لفقدنا الكثيرين منهم وعيشنا أنفسنا بسوداوية وحملناها فوق طاقتها؛ فطاقة الحقد والكراهية ثقيلة جداً عليك أنت أكثر من ثقلها على الشخص الذي أخطأ في حقك فلم تسامحه.
ولكن بالتأكيد هناك أخطاء وتصرفات مشينة لو صدرت عن أشخاص يجب عدم مسامحتهم عليها وخاصة إن تكررت ولم تكن هفوات، وقد تسامح شخصاً غريباً أخطأ معك خطأ ما ولكنك لا تسامح شخصاً قريباً منك على نفس الخطأ أو ربما على خطأ أصغر وذلك لأنك تتوقع من القريب كالأخ والصديق أن مصلحتك تهمه كثيراً وأنه يخاف عليك كخوفه على نفسه تماماً مثل مبدأ "غلطة الشاطر بألف"؛ فهو "شاطر" بمعرفته لك ولتفاصيلك وكل ما يخصك ومن المفترض أنه يخاف عليك وعلى زعلك وسمعتك...
بالنسبة لي... فأنا أسامح كثيراً حتى لو أذاني الشخص، ولكنني أصبح أكثر حذراً بعد كل موقف أتعرض له، ويبقى هذا الموقف في ذاكرتي فلا أنساه منه، ولكنني لا أحمل على أحد إلا إن تكرر الخطأ والأذية. وأعتقد أن هذا الأسلوب هو الأفضل في العلاقات لأنها تريحك في التعامل مع الآخرين وتعلمك من المواقف التي حدثت معك وفي نفس الوقت لا تحملك ثقل الحقد والكراهية على أحد إلا إن تكرر الأمر وزاد عن حده طبعاً.
كما أن عدم مسامحة الشخص عن أخطائه لا تعني الانتقام منه ورد "الصاع صاعين"، بل تعني أن تكتفي بتحول علاقتك معه لعلاقة رسمية أو حتى قطع علاقتك معه نهائياً أحياناً لقطع حبل الأذية أي "اختصاراً للمشاكل"، أما إن أخطأ بحقك فاختلس منك المال مثلاً فبالتأكيد أن من حقك استرجاعه منه إضافة لقطع العلاقة به إلى الأبد.
هناك الكثير من الأخطاء التي إن صدرت من صديقك المقرب فعليك ألا تسامحه أذكر من الأمثلة عليها...
- الخيانة والطعن بالظهر: فإن خان صديقك عهد الصداقة بينكما متقصداً ذلك فمن الأفضل قطع العلاقة معه نهائياً، فكيف يكون الصديق صديقاً وهو يطعنك بظهرك بدلاً من أن يقف معك في حضورك وغيابك!
- أخطاء متعلقة بالشرف: فليس أغلى من الشرف، ولو اعتدى صديقك على أي أمر يتعلق بشرفك فعليك بالطبع قطع علاقتك به.
- عدم حفظ الأسرار: فمن الأمور التي تجعل الشخص يرتقي في علاقته معك لمرتبة صديق هي أن يحفظ أسرارك وأن يكون مؤتمناً عليها، فما فائدة الصديق إن لم تستطع أن تؤمنه على أسرارك خوفاً من أن يفشيها ويفضحك!
- السمية: هناك أشخاص نكديون وسامون بطبعهم تشعر بطاقتهم السلبية في كل شيء؛ فهو يحسدك على ما عندك، وقد يهز ثقتك بنفسك، وينتقدك وينتقد الآخرين دائماً... هذا الشخص من الأفضل قطع علاقتك به أو التحول بها لعلاقة رسمية.
- عدم الأمانة: كان يسرق هذا الشخص أموالك أو أفكارك إن كان زميل عمل لك مثلاً.
كل هذه أمثلة على أمور تستدعي عدم تسامحك مع صديقك إن ارتكبها في حقك، إضافة لبعض الأمور التي قد يرتكبها صديقك في حق نفسه ولكنها قد تؤثر عليك سلباً كارتكاب الممنوعات كالسرقة وتعاطي المخدرات... عليك أن تحاول نصحه وأن تلجأ لكل الطرق الممكنة لمساعدته، ولكنه إن أصر على ذلك وفعل هذا متقصداً فعليك أن تقطع العلاقة معه لأنه سيسيء لك أنت شخصياً من منطلق "يعرف المرء بخليله" و"قل لي من تصاحب، أقل لك من أنت".