يذكرني مصطلح قراصنة البحار بطفولتي عندما كنت أشاهدهم في برامج الأطفال، وفي أفلام المغامرات السينمائية، نعم إن قراصنة البحار يتواجدون على أرض الواقع منذ قديم الزمان، هم حقيقة وليسوا بخيال.
لقد أشرقت شمس القراصنة بظهور الملاحة البحرية، فكان الفينيقيين أول من ركب البحار، ثم جاء بعدهم الإغريق، ودخلت القرصنة حياة بعض القبائل الإغريقية، حيث تعتبر عندهم مهنة رفيعة المنزلة، ثم وصلت القرصنة إلى حوض البحر الأبيض المتوسط وشكلت تهديد لأعظم دولة في حينها الإمبراطورية الرومانية، وعملوا على مصادرة شحنات الحبوب وزيت الزيتون من السفن الرومانية، وهددوا طرق التجارة في اليونان القديمة، كان الفايكنج أشهر القراصنة وأبعد مدى في أوائل العصور الوسطى في أوروبا.
كان الآلاف من القراصنة نشطين في الفترة من 1650 م إلى 1720 م، وتعرف هذه السنوات باسم العصر الذهبي للقرصنة. ومن بين القراصنة المشهورين من هذه الفترة بلاكبيرد، وهنري مورغان، وويليام كابتن كيد، كاليكو جاك راكهام وبارثولوميو روبرتس.
إنهم هؤلاء الذين يقومون بالسرقة داخل البحار وعلى الشواطئ والمدن الساحلية، وحسب تعريف اتفاقيـة قانون البحار، فإن عملية القرصنة تشمل أي عمل غير قانوني من أعمال العنف، أو الاحتجاز أو النهب المرتكبة لأغراض شخصية على أيدي طاقم سفينة خاصة أو المسافرين على متنها ضد سفينة أخرى أو أشـخاص على متنها أو ممتلكات موجـودة في تلـك الـسفينة.
يحاول القراصنة الاستيلاء على الذهب والفضة والمجوهرات والزمرد والمرجان والعملات المعدنية لأن طاقم القراصنة يمكنه أن يتقاسمها بيسر، أيضا أشياء يمكنهم استخدامها مثل الطعام وبراميل النبيذ والأشرعة والمراسي وغيرها من المعدات الاحتياطية لسفنهم، وأشياء بسيطة مثل الطحين والأدوية وضروريات الحياة.
تعد مناطق المحيط الهندي ومدغشقر مكان آمن وبعيد لإقامة القراصنة فيها، إنها خارج نطاق القانون وحكم الدولة.
تنتشر القرصنة حاليا كثيرا في سواحل الصومال والبيرو والكاريبي، ففي نوفمبر من عام 2008 م، أثارت مجموعة من القراصنة الصوماليين في خبر إعلامي مثير للجدل، عندما قاموا بخطف سفينة شحن تابعة لأوكرانيا تبعد 200 ميل عن الساحل الصومالي، وقد صرح أحدهم أنه عندما تم السيطرة على السفينة كانت محملة بالدبابات والقاذفات والقنابل اليدوية والعديد من الأسلحة الثقيلة التي تبلغ قيمتها المالية ثلاثون مليون دولار.
بعدئذ تم المساومة على مبلغ عشربن مليون دولار نقدي مقابل الإفراج عن طاقم السفينة والبضائع، كذلك في حادثة أخرى تم الاستيلاء على ناقلات البترول والتفاوض عليها، حيث تعتبر الصومال إحدى أكثر الدول التي تتواجد بها القرصنة؛ لأنها إحدى أفقر الدول في العالم.
تأثر بعض سكان البيرو بالمهاجمين الصومال، وقام مجموعة من القراصنة بالتسلل إلى سفينة صيد التونة اليابانية كينو مارو 2، حيث رست على بعد ثلاثة أميال خارج ميناء كالاو، فتم اقتحامها واحتجاز الطاقم الذي يتكون من خمسة عشر رجلا، وقام القراصنة بتربيط أيدي وأرجل الطاقم، ثم تم الاستيلاء على ممتلكات الصيادين، وتم ترك أجهزة الاتصال بالسفينة.
أما بالنسبة لقراصنة الكاريبي تعتبر اليخوت الفاخرة التي تبحر عبر مياه البحر الكاريبي صيدا ثمينا لهم، حيث تعج بالسياح الأثرياء، ففي ديسمبر من عام 2008 م، قام ثلاثة رجال مسلحين ببنادق وعدة أسلحة مختلفة بمهاجمة يخت يبلغ طوله 70 م، وعلى ظهره مجموعة أصدقاء يقضون إجازاتهم معا، وقام القراصنة بسرقة المجوهرات والأموال وآلات التصوير والهواتف الخلوية المقدر قيمتها آلاف الدولارات، وقد استطاع القراصنة الاستيلاء على اليخت بتوجيه أمر لقائد السفينة بالتوجه إلى البحر وإلا سيتم تفجيرها.
هنالك جهود دولية متكاتفة تعمل على مكافحة القراصنة، من خلال مجلس الأمن الدولي حيث تكثر المطالبات للقيام بذلك، والعمل على تشكيل محكمة مختصة لمحاكمتهم.