الأصل في الرشوة المنع والتحريم وعدم الجواز، ولكنها تجوز عند جمهور العلماء في حالة واحدة وهي: إذا كان الشخص لا يستطيع أن يتوصل إلى حقه أو يدفع الضرر عن نفسه إلا بها، ويكون الإثم على المرتشي دون الراشي، فقد ورد في الأثر أن ابن مسعود رضي الله عنه كان بالحبشة فرشا بدينارين، حتى خلي سبيله. ولذلك فلا بأس أن يصانع الرجل عن نفسه وماله، إذا خاف الظلم.
- وروي عن وهب بن منبه أنه قيل له: الرشوة حرام في كل شيء؟ قال: إنما يكره من الرشوة أن ترشي لتعطي ما ليس لك، أو تدفع حقاً قد لزمك. أما أن ترشي لتدفع عن دينك ودمك ومالك فليس بحرام. قال أبو الليث السمرقندي: وبهذا نأخذ. لا بأس بأن يدفع الرجل عن نفسه وماله بالرشوة، وهذا كما روي عن ابن مسعود أنه كان بالحبشة فرشاً دينارين. وقال: إنما الإثم على القابض دون الدافع.
-والرشوة: هي: (ما يُعطى لإبطال حق أو لإحقاق باطل)
-والرشوة في القانون: (هي أن يدفع الشخص المال من أجل الحصول على مكسب من ظلما، أو طلب الموظف للمال مستغِلًّا منصِبَه الحكوميَّ أو وظيفته في أي شركة أو مؤسسة اعتبارية من أجل القيام بعمله مدفوع الأجرة والذي يُلزِمُه القانون تقديمه لطالب الخدمة مجانًا أو برسوم يقرها القانون)
-وقد حرم الإسلام الرشوة، واعتبرها أكل أموال الناس بالباطل، قال تعالى: (ولا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل وتدلوا بها إلى الحكام لتأكلوا فريقا من أموال الناس بالإثم وأنتم تعلمون) البقرة: 58
-وورد في السنة عن عبد الله بن عمرو قال: (لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم الراشي والمرتشي) رواه الترمذي وقال: حديث حسن صحيح.
-وعن ابن عمر رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: « كل لحم أنبته السحت فالنار أولى به، قيل: وما السحت؟ قال: الرشوة في الحكم »
-وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: « إن الله تعالى طيب لا يقبل إلا طيباً وإن الله أمر المؤمنين بما أمر به المرسلين » فقال تعالى: {يا أيّها الرُّسُلُ كُلُوا من الطيّباتِ وَاعْمَلُوا صالحاً} [سورة المؤمنون: 51] رواه مسلم.
- وكفارتها:
1- فالذي دفع الرشوة يستغفر الله ويتوب إليه توبة نصوحاً ولا يعود إلى إعطاء الرشوة مجددا.
2- أما الذي يأخذ الرشوة: مع التوبة إما أن يرد المال الذي أخذه إلى صاحبه إن استطاع، فإن لم يستطع أو يجد ذلك الشخص فيتصدق عن ذلك الرجال بما أخذ منه من مال بغير حق، ففي الحديث: (مَنْ كَانتْ عِنْدَه مَظْلمَةٌ لأَخِيهِ مِنْ عِرْضِهِ أَوْ مِنْ شَيْءٍ فَلْيتَحَلَّلْه ِمِنْه الْيَوْمَ قَبْلَ أَلَّا يكُونَ دِينَارٌ وَلَا دِرْهَمٌ، إنْ كَانَ لَهُ عَمَلٌ صَالِحٌ أُخِذَ مِنْهُ بِقَدْرِ مَظْلَمتِهِ، وإنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ حسَنَاتٌ أُخِذَ مِنْ سيِّئَاتِ صاحِبِهِ، فَحُمِلَ عَلَيْهِ) رواه البخاري.
- وفي حديث آخر: (كل لحم نبت من سحت فالنار أولى به)
- أما إذا لم تكن موظفاً أو مسؤولاً في أي قطاع عام أو خاص (يعني شخصاً عادياً وقمت بتقديم مساعدة ما لشخص (شرط أن هذه المساعدة لم تكن واسطة لعمل أو وظيفة أو إنجاز معاملة ما) وأحب هذا الشخص أن يرد لك الجميل بأن قدم لك هدية ما مقابل تلك الخدمة فلا حرج في أخذها، والله أعلم.
- وعليه: فطلب الرشوة محرم وقبولها محرم كذلك فالمعطي والآخذ هم في الإثم سواء فليحذر المسلم من إعطاء الرشوة أو أخذها ولو بحجة الهدية أو غير ذلك - بحيث يكون الهدف منها الحصول على أمر ليس من حقه.