ما هي نظرية تأثير الفراشة

     مشهد تخيلي : ينزعج المعلم من وجود ذبابة تحوم حوله أثناء انهماكه بالشرح فيتجه ليفتح نافذة الغرفة الصفية حتى تخرج، فيدخل الهواء وتطير ورقة من على مقعد أحد الطلاب بعيدًا، يسرع بمد يده للإمساك بها فإذا هو يصدم رأس زميلته إلى جانبه. تحرك الأخيرة رأسها بعيدًا بسرعة مفاجئة كرد فعل لا إرادي فتصيب عنقها وتصرخ عاليًا حتى تفزع أستاذة خارج الغرفة الصفية كانت تهم بنزول السلم فتفقد تركيزها وتسقط حتى الدرجة الأخيرة وتكسر يدها.

     إن عدنا لسبب كسر يد المعلمة البدئي فسنجد أنها تلك الذبابة التي كانت الدافع الأول لكل حدث لاحق. ومن كان يتصور أن حشرة طائرة صغيرة بإمكانها أن تؤدي إلى سقوط المعلمة وإصابة يدها بهذا الشكل. 

     إن ما سبق هو مشهد خيالي وارد حدوثه بنسبة معقولة كأي حدث آخر، ويشرح  ببساطة مفهوم تأثير الفراشة التي تقول بأن حدوث فعل صغير (بحجم رفة جناح فراشة) بإمكانه التأثير على نظام معقد فيتسبب بحوادث كبيرة (كإعصار) لم تكن متوقعة أبدًا من حيث الفعل أو الوقت أو المكان. ووجب التوضيح أن مصطلح تأثير الفراشة أو كما يسميه البعض (نظرية الفوضى) هي مجرد مصطلح مجازي لوصف حالة وليس لتفسيرها. فما زال التنبؤ بأحداث مستقبلية أمر شديد التعقيد وصعب المنال، ومن الممكن أيضا وجود الكثير من الأحداث الصغيرة التي تعبر النظام دون التأثير به؛ لذا تعميم هذا المصطلح خاطئ تماما.

     إن مطلق هذا المصطلح هو إدوارد نورتون لورنتز(1917 -2008) وهو رياضي وعالم أرصاد جوي. كان يعمل في السابق لصالح الجيش الأمريكي في الحرب العالمية الثانية متنبئ لحالة الجو. وبعد عودته من الحرب أكمل تعليمه في مجال الأرصاد الجوية. بعد البحث، نجد أن استخدام مصطلح تأثير الفراشة جاء من خلال عمل إدوارد نورتون في مجال الطقس والتنبؤ به، وهو المجال الأكبر الذي يشاهد فيه هذا التأثير، بينما لا يزال لا يُعتمد عليه. لكن لاحقًا أخذ الكثير على استخدامه بعلوم أخرى كالفيزياء مثلا.

     ما زال كثيرون لا يعون حقيقة المفهوم لذا يستخدمونه في سياقات خاطئة، ومن ثم انتشرت هذه المفاهيم المغلوطة لتصل إلى الكثير غيرهم من الناس. يبدو أن هذا مثال آخر على نظرية الفوضى هذه، ما رأيك؟