- بدأ الإنسان يدون إبداعاته على الألواح الطينية و أوراق البردي وعلى جلود الحيوانات والحجارة وسعف النخيل والعظام، ثمَّ تطوَّر بعدها فتوصَّل إلى مادة الورق فاستخدم في الكتابة الأجسام الحادَّة على الألواح الطينية أو الحجر، مُستخدماً أنواعاً متنوعة من الأقلام في الكتابة على جلود الحيوانات أو سعف النخل العظام .
- و ازدادت رغبة الإنسان في حفظ و تسجيل تراثه الأدبي الثقافي والفني وحفظ معتقداته وطقوسه الدينية و عباداته.
وحفظ إنجازاته المختلفة في مختلف المجالات . ولم يكتفِ بهذا بسبب أن هذه الأدوات لم تكن تلبي حاجاته وطموحاته أو تستوعب غزارة نتاجه العلمي و الفكري والفني الذي تنوَّع وتكاثر تنوعًا مذهلًا نوعًا وكماً.
- ونتيجة تقدمه دفعته هذه الحاجة للبحث عن وسائل أفضل وقادرة بشكل أكثر على نقل هذا النشاط الإنساني الذي يزداد باستمرار مع مرور الأيام.
و ظهرت بدايات الاختراع الجديد من الشرق، وكان في بداية الأمر على هيئة أختام منقوشة، حيث كانت تختم به الألواح الطينية للتصديق عليها، و ثبت أنَّ الملك حمورابي استعمل خاتمًا اسطواني الشكل.
وكان يصُنع من طين ليختم به الملك رسائله، و ظلَّ بعد ذلك استخدام الأختام عبر الأزمنة الماضية حتى يومنا هذا.
- بعد ذلك بدأت الطباعة في الطين عند ظهور الأختام ما بين القرن الخامس والقرن السادس الميلادي.
وكانت تُستخدم لتُؤكد صحِّة الوثائق أو لتضفي الصفة الرسمية عليها. ومنها انتقلوا لـ استخدام الصفائح الخشبية لطباعة الكُتب.
و استعمل سكان بلاد ما بين النهرين قوالب تم نقش النقوش والزخارف عليها، وكانت القوالب المنقوشة هذه تُضغط على مادة الطين وهي طرية فتنتقل ما عليها من نقوش و كتابات أو زخارف إلى الألواح الطينية، ثم تترك هذه الألواح حتى تجف ثمَّ يتم طلاءها وتُدهن الأقسام البارزة منها بالحبر.
- وكان المصريون القدماء يستخدمون الألواح الخشبية أيضًا، لهذا الغرض بعد أن ينقشوا ما يراد نقشه على الألواح بعد طلائها بالحبر، وهذه الخطوة أو الطريقة كانت هي الخطوة الأولى الهامَّة في اتجاه الطّباعة التي قام بتأسيسها الصينيين القدماء. ثمَّ جاء (غوتمبرج) في القرن الخامس عشر ليأخذ المبدأ ذاته ويطوره.
فإن كان سكان وادي النيل القدماء سكان بلاد ما بين النهرين هم من اكتشفوا الأختام والألواح الخشبية المنقوشة، فإنَّ قدماء الصينيين من اكتشفوا الحروف المُنفصلة في الطباعة وكانوا رواد من صنعها من مادَّة الطين.
و انتقلت هذه الطريقة إلى إيران وسورية ثمَّ إلى الأندلس ومنها إلى أوروبا.
اخترع (غوتمبرج) المبدأ الأساسي للطباعة عن الصينيين عندما قام باستبدال الأحرف الطينية بالأحرف المعدنية، فكان أول مُخترع للحروف المُتفرقة المعدنية.
وبفضل هذا الاختراع استطاع غوتمبرج أنْ ينقل العالم كله إلى مرحلة جديدة من مراحل الازدهار والتطور الثقافي والحضاري.