ما هي قصة أصحاب الجنة في سورة القلم وفي سورة الكهف وهل نتحدث عن نفس القصة في موضعين من القرآن الكريم

1 إجابات
profile/د-محمد-ابراهيم-ابو-مسامح
د. محمد ابراهيم ابو مسامح
ماجستير في التربية والدراسات الاسلامية
.
٢٧ أبريل ٢٠٢١
قبل ٤ سنوات
في البداية لا بد أن تعلم أنه لا يوجد تكرار في القرآن الكريم، فكل آية وكل سورة جاءت مستقلة عن الأخرى ويختلف تفسيرها عن غيرها، ولذلك فقصة أصحاب الجنة في سورة القلم تختلف عن قصة أصحاب الجنتين في سورة الكهف.

- لأن القصة في سورة القلم تتحدث عن جنة واحدة (بستان واحد) وتدور القصة حول صاحبه وأولاده مع الفقراء فقط.

- بينما قصة أصحاب الجنتين في سورة الكهف: فتدور حول جنتين (بستانين) لرجل غني، ومعه رجل آخر فقير ولكنهم مختلفين في التربية والنظرة إلى النعمة.

- ولذلك لا تعارض ولا تناقض بينهما، وحتى نفهم الأمر على حقيقته لا بد من ذكر القصتين عموما مختصرة:

القصة الأولى: أصحاب الجنتين في سورة الكهف:
قال الله تعالى: (وَاضْرِبْ لَهُمْ مَثَلًا رَجُلَيْنِ جَعَلْنَا لِأَحَدِهِمَا جَنَّتَيْنِ مِنْ أَعْنَابٍ وَحَفَفْنَاهُمَا بِنَخْلٍ وَجَعَلْنَا بَيْنَهُمَا زَرْعًا * كِلْتَا الْجَنَّتَيْنِ آتَتْ أُكُلَهَا وَلَمْ تَظْلِمْ مِنْهُ شَيْئًا وَفَجَّرْنَا خِلَالَهُمَا نَهَرًا * وَكَانَ لَهُ ثَمَرٌ ﴾ [الكهف: 32 - 34].

وصاحب الجنتين كما ذكرت الآيات السابقة هو رجل أعطاه الله بستانين جميلين في وسطهما أشجار الكروم ويحفهما النخل، وبين الجنتين الزرع الأخضر، وتتفجر من خلال هاتين الجنتين عيون الماء العذب، ويخرج منه من ثمار وافرة في غاية الجود والجمال.

- وفي يوم من الأيام اصطحب مالك البستانين أحد أصحابه المؤمنين الفقراء ليريه ما لديه فقال له كما يخبرنا القرآن الكريم «وَكَانَ لَهُ ثَمَرٌ فَقَالَ لِصَاحِبِهِ وَهُوَ يُحَاوِرُهُ أَنَا أَكْثَرُ مِنْكَ مَالًا وَأَعَزُّ نَفَرًا» أي أنا أكثر منك مالاً كما ترى في هاتين الجنتين، وأعز نفراً بما أملكه من خدم، وبينما كان الصاحبان يواصلان سيرهما داخل الجنتين قال الغني إلى رفيقه: «لا أظن أن تفنى هذه الجنة بل ستدوم أبداً، وما أظن أن تقوم الساعة، وعلى فرض أنها ستقوم فإنني سأعطي خيراً منها». وهذا ما جاء في القرآن عن قوله لصاحبه: «فَدَخَلَ جَنَّتَهُ وَهُوَ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ قَالَ مَا أَظُنُّ أَنْ تَبِيدَ هَذِهِ أَبَدًا * وَمَا أَظُنُّ السَّاعَةَ قَائِمَةً وَلَئِنْ رُدِدْتُ إِلَى رَبِّي لَأَجِدَنَّ خَيْرًا مِنْهَا مُنْقَلَبًا».

- فقام الرجل المؤمن بالرد عليه ويعاتبه وينصحه ويذكره بأن يعترف بفضل الله عليه وأن يحمده على ما أتت من نعم ويخبرنا القرآن عن قوله لصاحبه: «قَالَ لَهُ صَاحِبُهُ وَهُوَ يُحَاوِرُهُ أَكَفَرْتَ بِالَّذِي خَلَقَكَ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ سَوَّاكَ رَجُلًا* وَلَوْلَا إِذْ دَخَلْتَ جَنَّتَكَ قُلْتَ مَا شَاءَ اللَّهُ لَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ إِنْ تَرَنِ أَنَا أَقَلَّ مِنْكَ مَالًا وَوَلَدًا»، وراح يحذره من سوء عاقبة الكفر وجحود النعمة قائلاً كما يروى القرآن «فَعَسَى رَبِّي أَنْ يُؤْتِيَنِ خَيْرًا مِنْ جَنَّتِكَ وَيُرْسِلَ عَلَيْهَا حُسْبَانًا مِنَ السَّمَاءِ فَتُصْبِحَ صَعِيدًا زَلَقًا * أَوْ يُصْبِحَ مَاؤُهَا غَوْرًا فَلَنْ تَسْتَطِيعَ لَهُ طَلَبًا) ».

- وبعد فترة وقع ما كان يحذر منه الصاحب المؤمن صاحبه الكافر الجاحد فأرسل على جنتيه العذاب وأصبحتا خاويتان على عروشهما فراح يندم على جحوده وكفره وما فعله في حق الله، وهذا ما يخبرنا به القرآن «وَأُحِيطَ بِثَمَرِهِ فَأَصْبَحَ يُقَلِّبُ كَفَّيْهِ عَلَى مَا أَنْفَقَ فِيهَا وَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَى عُرُوشِهَا وَيَقُولُ يَا لَيْتَنِي لَمْ أُشْرِكْ بِرَبِّي أَحَدًا * وَلَمْ تَكُنْ لَهُ فِئَةٌ يَنْصُرُونَهُ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَمَا كَانَ مُنْتَصِرًا».

- والدرس والعبرة من هذه القصة: أن يعترف الإنسان بأن الله تعالى هو المنعم وهو صاحب الفضل في الرزق، وأن الله تعالى لا يرزق فلان لأنه أفضل من غيره من الناس! ولكن يعطيه ليختبره أيشكر النعمة وينسبها إلى معطيها وهو الله تعالى ويشكره عليها، أم ينسبها إلى نفسه فيضل ويشقى ويخسر تلك النعمة ويعود فقيراً، لأن الذي يعطي هو القادر على أن يأخذ بلحظة!

القصة الثانية: أصحاب الجنة في سورة القلم: قال الله تعالى: (إِنَّا بَلَوْنَاهُمْ كَمَا بَلَوْنَا أَصْحَابَ الْجَنَّةِ إِذْ أَقْسَمُوا لَيَصْرِمُنَّهَا مُصْبِحِينَ) (17)

وهذه القصة تدور حول رجل صالح ترك لأولاده بستان جميل ووافر الثمار، وكانوا من أهل الكتاب، وقد كان أبوهم يسير فيها سيرة حسنة، فكان ما خرج له من غلتها وثمرتها: يرد فيها ما يحتاج إليها، ويدخر لعياله قوت سنتهم، ويتصدق بالفاضل.

فلما مات: ورثه بنوه، قالوا: لقد كان أبونا أحمق؛ إذ كان يصرف من هذه شيئا للفقراء، ولو أنا منعناهم، لتوفر ذلك علينا.

- ففي اليوم الذي قرروا فيه قطف الثمار وعزموا على حرمان الفقراء منه، عوقبوا بنقيض قصدهم، فأذهب الله ما بأيديهم بالكلية، فلم يبق لهم شيء.

- والعبرة من هذه القصة: أن أي إنسان يخالف أمر الله تعالى ويبخل بما آتاه الله وأنعم عليه، ومنع حق الفقير والمحتاج منه، فستكون عاقبة حرمان هذه النعمة، وعقوبة الآخرة لا شك أشد وأشق عليه. 

  • مستخدم مجهول
قام 1 شخص بتأييد الإجابة