عند ذكر جسات التربة، يتبادر إلى الذهن مباشرة البناء والعمران، فالأرض التي سيُبنى عليها المشروع هي أول ما يتم النظر إليه عند بدء التخطيط للبناء، وأنواع الأراضي ليست واحدة، سواء بالنسبة لانحدارها أو موقعها أو مكوّناتها، فمنها ما يسود على مكوناتها الرمل ومنها الطين أو الحصى أو الحجر سواء الرملي أو الجيري وغيرها. وأي خطأ ينجم عن عدم الدراسة الكافية للتربة وخصائصها سيؤثر بشكل مؤكد على سلامة المنشأة، فكان لابد من إجراء اختبار وفحص للتربة.
والجسات والتي هي ثقب أو حفرة يتم تنفيذها في موقع المشروع لأخذ عينة يُجرى عليها الفحوصات اللازمة للتربة، تُنفّذ بثلاثة طرق معروفة، الطريقة اليدوية وطريقة الحفر المكشوف والطريقة الميكانيكية. واختيار أي طريقة منها يعتمد على نوع التربة والموقع وعمق الجسة التي تعتمد على نوع وحجم المنشأة.
فمثلاً الطريقة اليدوية، لا تصل إلا لعمق يتراوح بين ال 10 وال 15 متراً، فإذا كانت الحاجة لعمق أكبر لن تنفع هذه الطريقة. وآلة الحفر اليدوي هذه عبارة عن ثلاثة أنابيب متّصلة ببعضها من الأعلى ببكرة، ومثبت على أحد أطراف الأنابيب من الأسفل جهاز ونش يدوي، حيث تعمل بواسطة الدفع والدوران من قبل العمال ليتم إنزال مواسير السند (التي تسند جوانب الحفر) المثبّت عليها أداة الحفر المناسبة سواء الفتيل أو البلف أو البربيمه، واختيار أداة الحفر المناسبة يكون اعتماداً على نوع التربة، فالتربة الرملية يناسبها البلف أما الطينية فيناسبها الفتيل، وهكذا.
أما الطريقة الميكانيكية، فتُستخدم في حال كان عمق الجسة يزيد عن 15 متر أو كانت التربة صخرية، وتستخدم غالباً في المشاريع الكبيرة وتمتاز بسرعتها العالية. هذه الطريقة تشبه الطريقة اليدوية في مبدأ عملها إلا أنها تستخدم الماكينة بدلاً من العمال للدفع والدوران. كما وتستخدم مادة تسمى البنتونايت لسند جوانب الحفر، ولها أهمية في كونها تبرّد مواسير الحفر التي تسخن في الأعماق أثناء الحفر فتحافظ على فعاليتها، إضافة إلى أنها تسهل عملية اختراق التربة من خلال تقليلها للاحتكاك بين الماكينة والتربة.
وأخيراً طريقة الحفر المكشوف، والتي تستخدم عادة لأعمال الطرق وتستخدم في الأماكن الضيقة أو المنشآت البسيطة، حيث لا يتجاوز عمق الجسة فيها ال 5 متر، وتكون باستخدام أدوات الحفر البسيطة كالطورية والمنكوش والفأس.
- كيفية تنفيذ الجسات:
يجب ألا تقل الجسة الواحدة عن 5 متر وتكون هذه العينة بالحفر المكشوف لفحص التربة في حالتها الطبيعية، ثم تؤخذ جسة أو جستين بعمق لا يقل عن 10 متر باستخدام الطريقة اليدوية، وإذا تم الوصول خلال هذه الجسة إلى طبقة صخرية فلابد من حفر ما لا يقل عن 4 أو 5 متر في الصخر وذلك باستخدام الطريقة الميكانيكية.
والجسة الواحدة يتم أخذ عينة لكل متر منها أو كل نصف متر في حال اختلفت خصائها، وعند استخراجها يكتب عليها اسمها ورقمها وموقعها. وللعينات أنواع، حيث هناك عينات متماسكة، غالباً تخرج من التربة الطينية وبمجرد خروج هذه العينة يجب حفظها وتغليفها حتى لا تفقد محتواها المائي. وهناك عينات تكون مفككة تخرج عادة من التربة الرملية.
وبعد أخذ العينات تجرى عليها عدة اختبارات منها ما يتم في الموقع كتجارب التحميل المختلفة، ومنها ما يتم في المصنع، كاختبارات تحديد اللدونة للتربة، والوزن النوعي ومعامل النفاذية، والتحليل الحبيبي، وتعيين محتوى المواد العضوية ومحتوى الكبريتات، وغيرها.
- أهميتها:
بعد الحديث عن الجسات وكيفية تنفيذها لابد أنك أدركت أهميتها والتي تكمن في تحديد المنسوب المناسب لوضع أساس المبنى، إضافة إلى نوع هذه الأساسات وأنواع المواد المستخدمة فيها وذلك حسب نسبة الأملاح والكبريتات وتأثيرها على الخرسانة.
فضلاً عن أهميتها في تحديد معامل النفاذية للتربة، وتحديد الهبوط المتوقع اعتماداً على الأحمال وعلى طبيعة التربة.