- من أعظم شواهد مقابلة الإساءة بالإحسان من حياة صحابة نبينا عليه السلام ورضوان الله عليهم قصة أبي الصديق رضي الله عنه مع ابن خالته مسطح بن أثاثة رضي الله عنه .
فقد كان مسطح رجلاً فقيراً وكان أبو بكر يتعاهده بالنفقة والصدقة لفقره وقرابته ويحسن إليه ، فلما حصلت حادثة الإفك وتكلم المنافقون في عرض عائشة بنت أبي بكر الصديق رضي الله عنها ورموها بالفاحشة وهي المبرءة العفيفة الطاهرة ، استعجل بعض المسلمين فتكلموا أيضاً في عائشة وكان من ضمن من تكلم مسطح ابن خالة والدها !
فلما نزلت براءة عائشة من فوق سبع سماوات وهر كذب المنافقين وبهتانهم وخطأ من تكلم من المسلمين فيها ، غضب أبو بكر على فعل مسطح وقال والله لا أنفق عليه أبداً لأجل ما فعل .
فأنزل الله الآية التي في سورة النور وهي قوله تعالى ( وَلَا يَأْتَلِ أُولُو الْفَضْلِ مِنكُمْ وَالسَّعَةِ أَن يُؤْتُوا أُولِي الْقُرْبَىٰ وَالْمَسَاكِينَ وَالْمُهَاجِرِينَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ۖ وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا ۗ أَلَا تُحِبُّونَ أَن يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ ۗ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ (22) ) .
فلما سمع أبو بكر الآية قال :بلى أحب أن يغفر الله لي أحب أن يغفر الله لي ، وأعاد النفقة على مسطح من فوره وعفا وصفح عنه وأرجع نفقته عليه وقال : والله لا أنزعها أبداً .
- ومن القصص أيضاً ما وقع بين أبي بكر الصديق وربيعة بن كعب الأسلمي ،حيث أعطى النبي كل واحد منهم أرضاً ،فاختلفا في نخلة ظنكل واحد منهما أنها في حده وأرضه ، فقال أبو بكر لربيعة كلمة كرهها ربيعة ، فندم أبو بكر عليها وطلب من ريبعة أن يردها عليه لتكون قصاصاً فرفض ربيعة أن يردها عليه ، فذهب أبو بكر إلى النبي يشكو إليه أن ربيعة رفض أن يرد عليه كلمته التي أساء له فيها !
فجاء قوم ربيعة يقولون كيف يستعدي عليك رسول الله وهو الذي أخطأ ؟!
فقال ربيعة : : أتدرون من هذا ؟ هذا أبو بكر هذا ثاني اثنين ، هذا ذو شيبة المسلمين ، إياكم لا يلتفت فيراكم تنصروني عليه ، فيغضب فيأتي رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - ، فيغضب لغضبه ، فيغضب الله لغضبهما فيهلك ربيعة ،.
ثم جاء ربيعة إلى رسول الله فقال له الرسول عليه السلام " يا ربيعة ما لك والصديق ؟ ".
قال : فقلت مثل ما قال كان كذا وكذا ، فقال لي : قل : مثل ما قال لك فأبيت أن أقول له ، فقال رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - : " أجل ، فلا تقل له مثل ما قال ، ولكن قل : يغفر الله لك يا أبا بكر " . قال : فولى الصديق - رضي الله عنه - وهو يبكي .
- ومن الشواهد عفو عمر رضي الله عنه عن عيينة بن حصن الفزاري عندما دخل عليه فقال له : " هي يا ابن الخطاب، فوالله، ما تعطينا الجزل ، ولا تحكم بيننا بالعدل. فغضب عمر، حتى همَّ أن يوقع به .
فقال له الحرُّ بن قيس- ابن اخي عيينة - : يا أمير المؤمنين، إنَّ الله تعالى قال لنبيه صلى الله عليه وسلم : " خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ " وإنَّ هذا من الجاهلين !
قال الحر : والله ما جاوزها عمر حين تلاها عليه، وكان وقافًا عند كتاب الله "
والله أعلم