ما هي الحيل النفسية في التسويق التي شعرت بأنك تتتعرض لها؟

أعتقد أن هناك الكثير من الناس الذين يقعون فريسة الحيل النفسية التي تستخدم في التسويق مراراً وتكراراً على الرغم أن هذه الحيل هي مكشوفة بالنسبة لهم، لأنهم يعانون من إدمان التسوق، فأنا -للأسف الشديد- مدمنة على التسوق وأقع دائماً فريسة هذه الحيل وأندم وأتوب عن المحاولة وأوبَخ من والدتي ومن ثم أعود وأعيد الكرة وكأن شيئاً لم يحدث!

فكيف لا أشتري الشوكولاته المغرية وأتركها على الرف؟! فعلياً أشعر وكأنها تناديني مع أنني قررت التخفيف من السكر الأبيض، وقد أشتريها وأتركها في حقيبتي وأنساها أو أعطيها لأحد! فالطريقة التي يغلف فيها المنتج والإضاءة في المتجر وحتى الموسيقى المشغلة لها آثار كبيرة في جذب الزبائن للشراء.

أما الملابس فهي بالنسبة لي قصة عشق أبدي، فما ان أستلم مبلغاً من المال تجدني أتوجه إلى السوق وأشتري ما أحتاج وما لا أحتاج من الملابس، حتى أنني كررت شراء نفس القطعة أكثر من مرة وخاصة عندما يكون سعرها مخفض أو عندما أحصل معها على هدية مجانية، فأشعر بأن علي استغلال هذه الفرصة قبل غلاء السعر. كما أميل للشراء كثيراً عندما ىزيد  السعر وكأن زيادته دليل على جودتها!

ومع أن لدي مشروع صغير لبيع مستحضرات العناية بالجسم التي أصنعها يدوياً وأحياناً أستخدم عبارة "الكمية محدودة" لجذب الزبائن للشراء بسرعة من هذا المنتج الذي لا تكون كميته محدودة فعلياً، إلا أن هذه العبارة تجذبني كالمغناطيس لشراء المنتجات من الأسواق لأنها تجعلني أشعر بأنني أبتاع منتجاً فريداً مميزاً وأن علي الحصول عليه واصطياده قبل أن تنفذ كميته من الأسواق فأندم على عدم شرائه، مع أنني قد لا أكون بحاجة له فعلياً!

والمضحك المحزن في الموضوع أنني أحياناً أشتري أمور تذكرني في الماضي الذي أحن إليه مثل قطع الملابس التي رجعت موضتها وبعض الأنتيكات للمنزل التي كنت أتوجه لسوق جارا خصيصاً لشرائها وتزيين المنزل بها! كما أنني أعترف بأنني أذهب للمكتبات المجاورة باستمرار وخصوصاً قبل فتح المدارس لشراء بعض الأدوات المدرسية لأبناء أخوتي وأبحث عن الممحاة الملونة برائحة العلكة التي كنا نستخدمها في الماضي لأشتري منها لي ولهم! وأتمنى من كل من يقرأ هذه الإجابة ويعرف من أين لي أن أشتري هذا النوع من الممحايات أن يترك لي رسالة. فالنوستالجيا أو كل ما يتعلق بالماضي يعطي الشخص راحة نفسية كبيرة ويعيد له ذكريات الماضي التي تسعده وتتركه يسرح بتلك الأيام التي كان فيها حراً طليقاً من سجن الهموم والمسؤوليات الذي وجدنا أنفسنا فيه الآن بعد أن كبرنا.

وبما أنني أبيع بعض مستحضرات العناية بالبشرة فإنني أحياناً أبحث في الإنترنت عن صورة فتاة شديدة الجمال ببشرة مشرقة وأضعها مع صورة المنتج للفت نظر الزبائن، كما أنني أستغل الأوقات التي أعلم أن الناس فيها مستعدون للشراء مثل أول الشهر وفي المناسبات... فعندما تكون جالساً تتصفح وسائل التواصل الاجتماعي ويمر عليك إعلان لمنتج ما يعجبك فإنك غالباً ستزور صفحة المنتج لأخذ فكرة عن المنتجات المتوفرة وستزيد فرص الشراء إذا كنت تملك المال وقتها، والأجمل من ذلك أنك قد لا تستطيع المقاومة إذا كان التوصيل مجانياً أو إذا حصلت على هدية عند شرائك بمبلغ معين! 

كما أنني أنبهر بالإحصائيات والدراسات وآراء الخبراء لأنها تعكس الخبرة والمصداقية... فعندما أشاهد دعاية منتج معين في التلفاز ويقال عنه أنه "اختار الخبراء" فإنني أقول لنفسي أن علي شراؤه فهذا دليل قاطع على جودته. 

أما أسلوب سرد قصص وتجارب الأشخاص الذين جربوا المنتج فهو أسلوب ساحر لأننا بطبعنا نؤمن يمقولة "إسأل مجرب ولا تسأل طبيب"، وخاصة عندما تحبك هذه القصص بطريقة عاطفية تضرب على وتر الناس الحساس، كأن يقول أحدهم أنه شخص اجتماعي وطيب القلب ولكنه دائماً يفشل في العلاقات ويتم صده من قبل الفتيات بسبب رائحة فمه الكريهة، ولكنه عندما استخدم غسول فم معين أصبح أكثر جذباً وتغيرت حياته ووجد فتاة أحلامه!  

هل سألت نفسك لماذا توضع الشوكولاته الأكثر مبيعاً وبعض أنواع العلكة وغيرها بالقرب من الكاش في المتاجر مع أنها موجودة على الرفوف في مكانها الأصلي؟! إنها موجودة هناك لتناديك لتشتري منها أثناء انتظارك لدورك، فنحن أشخاص نمل بسرعة ولا نتحلى بالصبر ونربط لحظات الانتظار بالتسلية فنتناول منها دون وعي!

حيل كثيرة تستخدم للتسويق سواء في المتاجر الإلكترونية أو الواقعية، ومعرفتنا وكشفنا لهذه الحيل يساعدنا على التفكير قبل الشراء - إلا أن هذا الأمر لا يحصل معي شخصياً! لأنني مدمنة على التسوق، وخاصة عندما تكون نفسيتي غير مرتاحة!

شخصيا لا اتذكر حيل معينة تعرضت لها لانني احدد المصادر التي اتسوق منها دائما, اماكن معينة موثوقة لا اغيرها, بسبب راحتي لها وتجاربي الايجابية المتكررة معها, مثلا حين اشتري الملابس فدائما اذهب الى محلات التصفية الاوروبية, سعرها معقول وتنويعها رائع, من حيث شراء الطعام فانا ابنة أمي, فقد علمتني التقاط مصادر التسوق الامنة والذكية والاماكن التي أأمنها والاماكن التي يجب اجتنابها.
ولكنني سأتحدث عن انواع حيل التسويق الكاذبة وطريقة عملها. Bait marketing, استخدام الطعم لخداع وتشويش الزبائن واقناعهم بشراء اشياء ليس في بالهم من الاساس شرائها. ويتم ذلك مثلا بارغام الزبون الى الذهاب للمزود الاساسي للمنتج, وايهامه بوجود أقل الاسعار, وحين يذهب الزبون للمكان المراد يخبرونه ان المنتج نفذ او غير موجود اصلا أو ان السعر ارتفع. هنا يلعب قانون حماية المستهلك دوره لمنع هذه التصرفات من قبل البائعين او المزودين, بمنعهم من الترويج لمنتجات بسعر منخفض لغاية تضليل المستهلك. والزامهم قانونيا بتوفير السعر الحقيقي والكمية الموجودة من المنتج. (1)
Switch Schemes وتحدث باقناع المستثمر بتحويل استثماره الى قطاعات اخرى واغرائه بسلاسة الاجراءات وسرعتها, وبعد اتخاذ قرار التحول تتغير والوعود والنتائج المتمناه. بأن يتغير السعر الموعود به او المنتج. (2)
High Yield Investment Fraud او الاحتيال في الاستثمارات ذات العائد المرتفع, وينتشر هذا النوع من الاحتيال بشكل الكتروني او واقعي من خلال المعلنين غير المرخصين, عبر التلفون او حتى وجها لوجه, مثلا ان يتم وعد المستهلك بعوائد مهولة وايهامه بعدم وجود المخاطر او ندرتها ويكون هذا الاتفاق غير رسمي, غير ملموس ويتم بشكل كلامي فقط. (3)
ولدينا ايضا الاحتيال في التسويق الجماعي, وبصراحة اتذكر في فترة طفولتي تعرض عائلتي لهذا الامر, حيث تم التواصل معنا وابلاغنا بالفوز بمبلغ كبير جدا مقابل مبلغ رمزي علينا دفعه, الشخص الذي قام بهذا الاحتيال شخصيته مجهولة ولم يعطنا اي معلومات شخصية او رسمية عنه, وتواصل معنا عبر الايميل, وطبعا يتم طلب السعر الرمزي بشكل متكرر وهكذا تتم عملية النصب, طبعا الاحتيال في هذه الحالة يقع على عدد كبير من الناس, بشكل جماعي ومتكرر ومصر. (4)
الاحتيال التسويقي قديم الازل, وازدهر عصره بوجود الانترنت الذي يعطي مجال كبير للتخفي واللف والدوران.
نقع ضحية للتسويق الكاذب نتيجة امور نفسية تعبث بمنطقنا وادراكنا, مثلا المديونية الاجبارية, يستخدمها المحتالون بالقيام بعمل معروف لنا وبالتالي نشعر انه من الكرم والنبل ان نعاملهم بالمثل ونرد لهم الجميل.
اثبتت الدراسات انه عند رؤيتنا لشخص يقوم بفعل ما, ويكون هذا الفعل منتشر بين الناس, فاننا نميل الى الاعتقاد بان الفعل هذا لا بأس به ولا لغط فيه, وانه يمكننا نحن ايضا ان نفعله. يقوم المحتال باعلامنا مثلا ان الخدمة التي يقدمها أفادت الكثير من الناس, سنظن حينها اننا في بر الامان.
هل سمعت بمصطلح FOMO ؟ The Fear Of Missing Out. نحن نخاف من تضييع الفرص, ودائما ما نفكر بأن هناك جانب مشرق لكل شيء, فنقع في مصيدة المحتالين. وخصوصا حين تكون عروضهم محدودة بوقت معين, فخوفا من ضياع هذه الفرصة التي نعتقد انها مربحة, نتمسك بها اكثر ونعتنقها قبل ضياع الوقت وبسرعة بدون اجراء الحكم المنطقي الصحيح عليها, لاننا هنا محكومين بالوقت. (5)

Don’t be hooked by bait marketing (mpc.law.za)
Bait and Switch Tactics and How to Avoid Them (evs7.com)
What Is High Yield Investment Fraud? | Meyer Wilson (investorclaims.com)
Mass marketing fraud - Wikipedia
Marketing Fraud Definition (investopedia.com)
Five psychological reasons why people fall for scams – and how to avoid them (theconversation.com)

تسويق هرمي