خروج الدابة التي تسم الناس في آخر الزمان علامة من علامت الساعة الكبرى الثابتة بالقران والأحاديث الصحيحة .
فمن القران قوله تعالى في سورة النمل ( و إِذَا وَقَعَ الْقَوْلُ عَلَيْهِمْ أَخْرَجْنَا لَهُمْ دَابَّةً مِّنَ الْأَرْضِ تُكَلِّمُهُمْ أَنَّ النَّاسَ كَانُوا بِآيَاتِنَا لَا يُوقِنُونَ (82) ).
والعلماء متفقون على تفسير الدابة الوارد ذكرها في هذه السورة بأنها الدابة التي تخرج في آخر الزمان .
أما الأحاديث فمنها :
- فعن حذيفة بن أسيد الغفاري قال : أشرف علينا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من غرفة ونحن نتذاكر أمر الساعة فقال : لا تقوم الساعة حتى تروا عشر آيات : طلوع الشمس من مغربها ، والدخان ، والدابة ، وخروج يأجوج ومأجوج ، وخروج عيسى ابن مريم ، والدجال ، وثلاثة خسوف : خسف بالمغرب ، وخسف بالمشرق ، وخسف بجزيرة العرب ، ونار تخرج من قعر عدن تسوق - أو : تحشر - الناس ، تبيت معهم حيث باتوا ، وتقيل معهم حيث قالوا "( رواه مسلم).
و عن عبد الله بن عمرو قال : حفظت من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حديثا لم أنسه بعد : سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول : " إن أول الآيات خروجا طلوع الشمس من مغربها ، وخروج الدابة على الناس ضحى ، وأيتهما ما كانت قبل صاحبتها ، فالأخرى على إثرها قريبا " ( رواه مسلم).
و عن أبي هريرة ، رضي الله عنه ، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : " بادروا بالأعمال ستا : طلوع الشمس من مغربها ، أو الدخان ، أو الدجال ، أو الدابة ، أو خاصة أحدكم ، أو أمر العامة " ( رواه مسلم ).
و عن أبي هريرة ، رضي الله عنه ، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : " فتخطم أنف الكافر بالخاتم ، وتجلو وجه المؤمن بالعصا ، حتى إن أهل الخوان الواحد ليجتمعون فيقول هذا : يا مؤمن ، ويقول هذا : يا كافر " (رواه أحمد ).
أما صفة هذه الدابة وتفاصيل خروجها وكلامها وغير ذلك فقد رويت فيه أحاديث غالبها ضعيف لا طائل من ورائها .
أما الحكمة من خروج هذه الدابة وكلامها الناس فهي آية كونية خارقة شأنها شأن العلامات الكبرى ، وهي رحمة بالمؤمنين وحجة على الكافرين لأن الباب التوبة يكون قد أغلق بخروج هذه الدابة ، ولو كان مكانها إنسان عادي يكلم الناس لم يكن في ذلك آية .
أما الحكمة من كونها حيوانا فقال ابن عاشور رحمه الله : "وَلا شَكَّ أَنَّ كَلامَهَا لَهُمْ خِطَابٌ لَهُمْ بِحُلُولِ الْحَشْرِ. وَإِنَّمَا خَلَقَ اللَّهُ الْكَلامَ لَهُمْ عَلَى لِسَانِ دَابَّةٍ؛ تَحْقِيرًا لَهُمْ وَتَنْدِيمًا عَلَى إِعْرَاضِهِمْ عَنْ قَبُولِ أَبْلَغِ كَلامٍ وَأَوْقَعِهِ مِنْ أَشْرَفِ إِنْسَانٍ وَأَفْصَحِهِ؛ لِيَكُونَ لَهُمْ خِزْيًا فِي آخِرِ الدَّهْرِ يُعَيَّرُونَ بِهِ فِي الْمَحْشَرِ. فَيُقَالُ: هَؤُلَاءِ الَّذِينَ أَعْرَضُوا عَنْ كَلامِ رَسُولٍ كَرِيمٍ فَخُوطِبُوا عَلَى لِسَانِ حَيَوَانٍ بَهِيمٍ. وَجُمْلَةُ (أَنَّ النَّاسَ كانُوا بِآياتِنا لا يُوقِنُونَ) تَعْلِيلٌ لإظْهَارِ هَذَا الْخَارِقِ لِلْعَادَةِ حَيْثُ لَمْ يُوقِنِ الْمُشْرِكُونَ بِآيَاتِ الْقُرْآنِ فَجَعَلَ ذَلِكَ إِلْجَاءً لَهُمْ حِينَ لَا يَنْفَعُهُمْ" .
والله أعلم