ما هي الحكمة من تحريم الله عزو وجل لشهادة وقول الزور

1 إجابات
profile/دمحمد-الطويل-1
د.محمد الطويل
دكتوراة في الفقه وأصوله (٢٠١٠-٢٠١٣)
.
٣١ مارس ٢٠٢١
قبل ٤ سنوات
 لأن ذلك كذب وأبغض الصفات إلى الله الكذب، وفي شهادة الزور مخالفة للحق والصدق والواقع وإبطال للحقوق ونشر للفساد وإشاعة للظلم وسعي في الأرض بالفساد.

وتوضيح ذلك:


إن الله هو الحق، وخلق السماوات والأرض بالحق وللحق، وهو سبحانه يحب الحق وأمر بالحق، وبالحق تقوم السماوات والأرض ويسود العدل ويستقر النظام ويأخذ كل ذي حق حقه، وشهادة الزور تتناقض مع هذا كله.

وشهادة الزور لها أشكال:


- منها الشرك :

فالشرك من شهادة الزور، لأن المشرك لما يشرك بالله فإنه يشهد أن هناك إلهاً آخر يستحق العبادة والخضوع، وهذا من الزور والكذب، وهو من أشد الفساد وأعظمه، أن يجعل هناك إله مع الله يخضع له ويتوجه إليه بالعبادة والطاعة، مع أنه لا خالق ولا رازق ولا مدبر غير الله، وكل ما يشرك به مع الله فإنما هو مخلوق لله فكيف يعدل مع الله غيره!

- ومنها ادعاء الحق لغير صاحبه:

فمن شهادة الزور أن يشهد الإنسان بحق لغير صاحبه، فيزعم أن هذا المال أو الأرض من حق فلان وهي على غير ذلك، وإنما يحمله على ذلك رغبة في المال أو الجاه أو حسداً وبغياً على المشهود ضده، وهذه أشهر صور شهادة الزور المعروفة للناس.

وإنما كانت محرمة لأمور:

- أن فيها كذباً وادعاءً بالباطل وإظهاراً له.
- أن فيها ظلماً للناس بأخذ حقوقهم وانتزاعاً لها من بين أيديهم.
- أن فيها نشر للفساد في الأرض ودماراً للمجتمعات.

لأن الإنسان إذا أخذ حقه منه ظلماً أورثه ذلك الحقد والسعي للانتقام، فيسعى لاستعادة حقه بكل طريق، فإذا لم يجد في القضاء طريقاً لذلك لشيوع شهادة الزور، فإنه سيأخذه بالقوة، وسينتج عن ذلك سفك للدماء وإزهاق للأرواح وإتلاف للممتلكات، وقد يأخذ أكثر من حقه انتقاماً، وهذا سيدفع الآخر للرد عليه، وسيتعصب لكل طرف أقاربه وعشيرته، فتندلع الفتن والقلاقل التي لا حصر لها، ويضطرب المجتمع فلا يأمن الإنسان على نفسه، وفي هذا تدمير للمجتمع وتخريب للدولة.

- الحكمة من التشديد في شهادة الزور:

لأن الحقوق عند التنازع في الغالب تحتاج إلى شهود يشهدون بها ويعرف من طريقهم صاحب الحق، وهذه الشهادة يعتمد فيها على ضمير الشاهد وديانته، وهو أمر نفسي لا يطلع عليه إلا من جهته، فإذا انعدمت الرقابة الداخلية عند الشاهد أمكنه قلب الحق والشهادة بالباطل، لأجل ذلك كله شددت الشريعة في أمر شهادة الزور جداً وجعلتها من أكبر الكبائر وتوعدت عليها بالعقاب الشديد.

والله أعلم