الحكمة من السجود: لأنه يعتبر من أشد أنواع التواضع والخضوع والعبودية لله تعالى، وفيه تمكين أعز أعضاء الإنسان وأعلاها وهو وجهه من الأرض والتراب الذي يداس ويمتهن.
فقد ذكر البهوتي في كتاب شرح منتهى الإرادات:
والسجود: هو غاية التواضع لما فيه من وضع الجبهة وهي أشرف الأعضاء على مواطئ الأقدام، ولهذا كان أفضل من الركوع.
- كما قال أيضا بأن تكرار السجود في كل ركعة دون غيره لأن السجود أبلغ ما يكون في التواضع لأن المصلي لما ترقى في الخدمة بأن قام ثم ركع ثم سجد فقد أتى بغاية الخدمة، ثم أذن له في الجلوس في خدمة المعبود فسجد ثانياً شكراً على اختصاصه إياه بالخدمة وعلى استخلاصه من غواية الشيطان إلى عبادة الرحمن.
- وقد خضعت جميع المخلوقات لله تعالى وسجدت له طاعة وعبودية فإن الشجر يسجد لله تعالى ويكون سجوده لله تعالى بأسلوبه الذي لا نستطيع أن نراه أو نفقة.
وكل شيء بالشجر يحدث بأمر من الله تعالى وبنظام مختار فهو ينمو وينتج الثمار بنظام، وهذا كله يكون بامتثال لأوامر الله عز وجل،
- والشمس تسجد لله تعالى بصورة لا نراها ولكن من خلال التزامها بالقوانين التي أمرها الله بها، فهي تدور حول نفسها وحول مركز المجرة بنظام بديع لا تتمرد عليه ولا تخالفه. وهي تجذب إليها الكواكب وهذا كله يعد من الامتثال لأوامر الله تعالى والسجود له، ولكن بلغة الشمس التي لا نفقهها.
- وكذلك النجوم تسجد لله تعالى، والنظام الدقيق الذي تسير عليه في ولادتها ونشوئها وتطورها يشهد على ذلك.
فكل شيء يسجد لله تعالى حتى الدواب التي سخرها الله لنا لنركبها ونحمل عليها أثقالنا فإنها تسجد لله،
فأقرب ما يكون العبد المؤمن قريبا من الله تعالى عندما يكون ساجداً لأنه يكون،
فالله تعالى قد رتب لنا هذه السجدات في أوقات محددة. فحدد لنا الصلوات الخمس وجعل في كل ركعة سجدتان،
ويكون السجود على سبعة أعضاء لقوله عليه الصلاة والسلام (أمرت أن أسجد على سبعة أعظم) رواه البخاري.
وهناك الكثير من العبادة ما يكون تعبدياً وإن كان له حكمة لا نعلمها ولكن الله تفرد بعلمه لها الله سبحانه وتعالى،
فمثلا عدد الصلوات، واختلاف أعداد ركعاتها من صلاة لأخرى، وعدد الجمار التي تُرمى في أيام النحر، وغير ذلك، هو من الأمور التعبدية غير معقولة المعنى بالنسبة للعباد، ولعل الحكمة في هذا النوع من التكليف هو الابتلاء والاختبار لمطلق التسليم لأمر الله تعالى، الذي هو من لوازم الإسلام.
أما لماذا نسجد لله في اليوم والليلة 34 سجدة: فإنه لم يرد أي دليل أو أي تفصيل من السنة على أن لتحديد هذا العدد من السجود له أثر أو شيء معين.
ولكن بعض العلماء استنتجوا بأن هذا العدد له علاقة بالرقم سبعة فقالوا:
بأن العدد 34 يتألف من 4 و 3 ومجموع هذين الرقمين هو 7 وهذا هو التناسب الأول.
وأن السجدات تتوزع على الأوقات الخمس ففي صلاة الصبح وخاصة في صلاة الفرض تكون أربع سجدات وتكون في صلاة الظهر ثماني سجدات وفي العصر ثماني سجدات والمغرب ست سجدات والعشاء ثماني سجدات فيكون المجموع 34 سجدة.
وإن هذا العدد الذي يتشكل من صف الأرقام هو 46884 من مضاعفات الرقم سبعة:
طبعاً هذا جزء من الحكمة بلغة العصر، وهناك أشياء كثيرة عن السجود وعدد السجدات بحاجة لمن يبحثها ويستنبط منها العجائب.
وقد توصل بعض أهل العلم بأن عدد السجدات 34 ليس من مضاعفات السبعة ولكن له علاقة بالرقم سبعة بشكل غير مباشر.
والله تعالى أعلم