معظم الحضارات القديمة تحدثت عن طوفان نوح عليه السلام وأشارت أن هناك طوفان حدث في الأرض قبل حوالي 5000 قبل الميلاد في منطقة وادي الرافدين الذي يُعتقد أنه طوفان نوح: أولاً: الحضارة اليونانية (الإغريقية) قرر الإله زيوس القضاء على الجنس البشرى بطوفان ضخم يغمر الأرض، لكن رجلاً وامرأة لم يشاركا في الجرائم التي ارتكبت على الأرض، فاختارهما زيوس لتحذيرهما قبل الطوفان، وبنيا صندوقًا يطفو على سطح الماء، وبعد أن انحسرت المياه بعد مرور 9 أيام، شعر الزوجان بالوحدة، فأخبرهما هيرميس أن يذهبا إلى وادي صخري، وأن يلقيا الصخور بأيديهما لتتحول إلى بشر، وفى التراث الأفريقي، ذهبت "ماعز" إلى فتاة تحنو عليها وأخبرتها بقرب حدوث الطوفان، ونصحتها بمغادرة القرية هي وشقيقها قبل أن تهلك مع الباقين. ثانياً: الحضارة السومرية: فالقصة تتحدث عن ملك يسمى (زيوسودا) كان يوصف بالتقوى ويخاف من الله، ويكب على خدمته في تواضع وخشوع، أخبر بالقرار الذي أعده مجمع الآلهة بإرسال الطوفان الذي صاحبه العواصف والأمطار التي استمرت سبعة أيام وسبع ليال، يكتسح هذا الفيضان الأرض، حيث يوصف (زيوسودا) بأنه الشخص الذي حافظ على الجنس البشري من خلال بناء السفينة. ثالثاً: الحضارة البابلية: أنه كان هناك رجل يسمى جلجامش أمرته الآلهة بأن يبني سفينة، وأن يدع الأملاك، وأنه حمل على ظهر الفلك بذور كل شيء حي، والفلك التي بناها كان عرضها مثل طولها وأنه قد نزل مطر مدرار. رابعاً: الحضارة الهندية: ويذكر محمد خليفة حسن في كتاب "الأسطورة والتاريخ في التراث الشرقي القديم"، فإن في تراث الهند الثقافي ملحمة ورد فيها عن الطوفان ما يشبه قليلا ملاحم بلاد الرافدين. خامساً: الطوفان في التراث الإفريقي: تذكر حكاية من الكاميرون نصيحة عنزة لفتاة تحنو عليها بقرب حدوث الطوفان، ونصيحتها لها بمغادرة القرية هي وشقيقها قبل أن تهلك مع الباقين. ويتناقل شعب تنزانيا قصة فيضان الأنهار، ونصيحة الرب لرجلين باستقلال سفينة بصحبة جميع أنواع البذور والحيوانات، لإعادة تعمير الأرض في ما بعد. ومن روسيا، أضاف الخيال إلى الموروث الشعبي غواية الشيطان لزوجة نوح، التي أعدت شراباً مسكراً لزوجها ليبوح بسر صنعه للسفينة، وبذلك تسلل الشيطان إلى السفينة بمساعدة الزوجة الخائنة محاولاً إغراق السفينة بمن عليها. ومن هاواي، تروى إحدى الحكايا الشعبية أن رجلاً اسمه "نو-يو" صنع زورقاً كبيراً على شكل منزل، وملأه بالحيوانات، قبل أن يبدأ الطوفان ليدمر العالم الشرير، وينجو الرجل بصحبة عائلته. سادساً: الطوفان في الحضارة الصينية:
وتضمنت رجلاً وزوجته وثلاثة أبناء ومثلهم من الإناث، الذين نجوا من طوفان هائل دمر الأرض، وأعادوا تعميرها. كما سجل سكان أمريكا الشمالية، على طول شرقها وغربها، حكاياتهم عن الفيضان، فمثلاً تقول أسطورة "أنيشينابي" في منطقة البحيرات الكبرى، إن الطوفان جاء للقضاء على غطرسة شعب تلك المنطقة، ولم ينجُ إلا بطلهم القومي "نانابوزو" بصحبة بعض المخلوقات. ويشير كتاب "أساطير الخلق في العالم" Creation Myths of the World، إلى أن أسطورة الطوفان لم تترك ثقافة أو حضارة أو بلداً إلا وتركت آثاراً لها على حكاياها الشعبية، حتى أنها وصلت إلى شعب الإسكيمو الساكن في أقصى الشمال الجليدي، إذ تحكى أسطورتهم عن طوفان قديم قضى على البشر، ولم ينج منه سوى رجلين. وتضيف الأسطورة بمزيد من الخيال أن الرجلين استخدما قوى السحر الديني لكي يتحول أحدهما إلى امرأة من أجل أن يتمكنا من الإنجاب وتعمير الأرض.
سابعاً: الطوفان عن اليهود:
حيث وردت هذه القصة في الإصحاحات من السادس إلى التاسع من سفر التكوين وتجري أحداثها كالتالي: (رأى الرب أن شر الإنسان قد كثر في الأرض، فحزن أنه عمل الإنسان في الأرض وتأسف في قلبه، وعزم على أن يمحو الإنسان والبهائم والدواب والطيور عن وجه الأرض، وأن يستثني من ذلك نوحاً لأنه كان رجلاً باراً كاملاً في أجياله، وسار نوح مع الله........... وتزداد شرور الناس، وتمتلئ الأرض ظلماً، ويقرر الرب نهاية البشرية، ويحيط نوحاً علماً بما نواه، آمراً إياه بأن يصنع تابوتا ضخماً، وأن يكون طلاؤها بالقار (القطران) من داخل ومن خارج، حتى لا يتسرب إليها الماء، وأن يدخل فيها اثنين من كل ذي جسد حي، ذكراً وأنثى، فضلاً عن امرأته وبنهيه ونساء بيته، هذا إلى جانب طعام يكفي من في التابوت وما فيه.. تكوين 6: 1 - 22.
ويكرر الرب أوامره في الإصحاح التالي فيأمره أن يدخل التابوت ومن معه ذلك لأن الرب قرر أن يغرق الأرض ومن عليها بعد سبعة أيام ذلك من قبل مطر يسقط على الأرض أربعين يوماً وأربعين ليلة، ويصدع نوح بأمر ربه فيأوي إلى السفينة ومن معه وأهله، ثم انفجرت كل ينابيع الغمر العظيم وانفتحت طاقات السماء، واستمر الطوفان أربعين يوماً على الأرض.
وتكاثرت المياه ورفع التابوت عن الأرض وتغطت المياه، ومات كل جد كان يدب على الأرض، من الناس، والطيور والبهائم والوحوش وبقي نوح والذين معه في التابوت حتى استقر على جبل أرارات.
إن هذه النصوص برغم ما حوت من اختلاف إلا أنها بمجموعها تؤكد حدوث قصة الطوفان وهي في شكلها العام تتطابق من القرآن الكريم خاصة هلاك قوم نوح ونجاة نوح ومن معه في السفينة.