الحديث الأول: من أهم الأحاديث التي تبين غيرة المسلم على عرضه وعرض المسلمات ما حصل في السنة الثانية من الهجرة النبوية في المدينة المنورة عندما ذهبت امرأة مسلمة إلى سوف بني قينقاع لتشتري الذهب فثارتْ ثائرة الحِقْد والضغينة في نُفُوس شِرْذمة من اليهود بالسوق، فلما جلست إلى صائغ بالسوق، جعل اليهود يُراودونها عنْ كشْف وجْهها، فأبَتِ الحرَّة وامتنَعتْ، فعمد أشقى أولئك القوم إلى طرَف ثوبها، فعقده إلى ظهْرِها، وهي لا تشعر، فلما قامت انكشفتْ سوءتُها، فضحكوا منها، فصاحت بالمسلمين، فوَثَب رجلٌ من المسلمين على الصائغ فقَتَلَهُ، وشدت اليهود على المسلم فقتلوه، فتطاير الخبرُ إلى رسول الله - عليه الصلاة والسلام - فهبَّ - بأبي هو وأمي، صلى الله عليه وسلم - والمسلمون معه، فحاصَروا أهل الغدْر والخيانة، حتى نزلوا على حُكم المسلمين، فأجْلاهُم النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى الشام، وهلك أكثرهم فيها.
الحديث الثاني: عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (المؤمن يغار، والله أشدُّ غيرًا) رواه أحمد بإسناد صحيح.
الحديث الثالث: ومما ورد في أمر الغيرة على العرض قول النبي صلى الله عليه وسلم: (إنْ دَخَل أحدكم على أهله، ووجد ما يريبه أشهد أربعًا)، فقام سعد بن معاذ متأثِّرًا، فقال: يا رسول الله، أَأَدْخُل على أهلي، فأجد ما يُريبني، أنْتَظِر حتى أشهد أربعًا؟! لا والذي بعثك بالحق، إنْ رأيتُ ما يريبني في أهلي لأطيحنَّ بالرأس عن الجسد، ولأضربنَّ بالسيف غير مُصْفحٍ، وليفعل الله بي بعد ذلك ما يشاء!!
-وفي رواية: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (يا معشر الأنصار، ألا تسمعون ما يقول سيدكم؟)، قالوا: يا رسول الله، لا تلمْهُ؛ فإنه رجلٌ غيور، والله ما تزوَّج فينا قط إلا عذْراء، ولا طلَّق امرأةً له، فاجْترأ رجلٌ منَّا أن يتزوَّجَها من شدة غَيْرته، فقال صلى الله عليه وسلم: (أتَعْجَبُون من غَيْرة سعد، والله أنا أغير منه، والله أغْيَر مني). أخرجه مسلم
الحديث الرابع: وورد كذلك عن الصحابي الجليل علي بن أبي طالب رضي الله عنه: أنه لما رأى الأسواق يزدحم فيها الرِّجال والنساء، قال غَيْرة على نساء المسلمين: ألا تستحيوا؟ ألا تغارون؟ فإنه بلغني أن نساءَكم يزاحِمْن العلوج - أي: الأجانب - في الأسواق، وقد سمعتُ عائشة - رضي الله عنها - تقرأ قوله تعالى: ﴿ وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلاَ تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى ﴾ [سورة الأحزاب: 33]، ثم تضع خمارها على وجْهِها وتبكي وتقول: "خان النساء العهد، خان النساء العهد".
الحديث الخامس: عن جابر بن عتيك رضي الله عنه: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إن من الغَيْرة ما يحِب اللهُ، ومن الغَيْرة ما يبغض الله، فأما الغيرة التي يحِبُّها الله، فالغَيْرة في الريبة، وأما الغَيْرة التي يبغض الله، فالغَيْرة في غير الريبة) رواه أحمد، وأبو داود، والنَّسائي
الحديث السادس: ولقد بشّر النبي صلى الله عليه وسلم أن من قاتل دون عرضه فقتل فهو شهيد في سبيل الله! فقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (مَن قُتل دون ماله فهو شهيدٌ، ومَن قُتل دون أهله فهو شهيد) رواه أصحاب السُّنَن؛ وصحَّحه الألباني.
الحديث السابع: عن سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَبِيهِ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (ثَلَاثَةٌ لَا يَنْظُرُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ إِلَيْهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ الْعَاقُّ لِوَالِدَيْهِ وَالْمَرْأَةُ الْمُتَرَجِّلَةُ وَالدَّيُّوثُ الَّذِي يُقِرُّ فِي أَهْلِهِ الْخَبَثَ) أخرجه أحمد والنسائي.
الحديث الثامن: وعن عمار بن ياسر رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (ثَلَاثَةٌ لَا يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ أَبَدًا: الدَّيُّوثُ وَالرَّجُلَةُ مِنَ النِّسَاءِ، وَمُدْمِنُ الْخَمْرِ)، قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَمَّا مُدْمِنُ الْخَمْرِ فَقَدْ عَرَفْنَاهُ، فَمَا الدَّيُّوثُ؟، قَالَ: (الَّذِي لَا يُبَالِي مَنْ دَخُلُ عَلَى أَهْلِهِ)، قُلْنَا: فَمَا الرَّجُلَةُ مِنْ النِّسَاءِ؟ قَالَ: (الَّتِي تَشَبَّهُ بِالرِّجَالِ) أخرجه الطبراني.
الحديث التاسع: ومن الأهم الأحاديث التي تحث المسلم على صيانة عرضه وتحمله المسؤولية في سبيل المحافظة على عرضه هو حديث ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنه عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ:
(أَلَا كُلُّكُمْ رَاعٍ، وَكُلُّكُمْ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، فَالْأَمِيرُ الَّذِي عَلَى النَّاسِ رَاعٍ، وَهُوَ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، وَالرَّجُلُ رَاعٍ عَلَى أَهْلِ بَيْتِهِ، وَهُوَ مَسْئُولٌ عَنْهُمْ، وَالْمَرْأَةُ رَاعِيَةٌ عَلَى بَيْتِ بَعْلِهَا وَوَلَدِهِ، وَهِيَ مَسْؤُولَةٌ عَنْهُمْ، وَالْعَبْدُ رَاعٍ عَلَى مَالِ سَيِّدِهِ وَهُوَ مَسْئُولٌ عَنْهُ، أَلَا فَكُلُّكُمْ رَاعٍ، وَكُلُّكُمْ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ). أخرجه مسلم.