مصادر الطاقة المتجددة موجودة في كل ما حولنا، وحتى تحت أقدامنا. ففي باطن الأرض، قد تتجاوز درجات الحرارة آلاف الدرجات المئوية مقارنة مع ما نشعر به على السطح، وبالإمكان تسخير هذه الحرارة واستخدامها في تطبيقات عدة.
تنبثق الطاقة الحرارية الجوفية (الجيوحرارية) من حرارة باطن الأرض، والتي تأتي طبقات الأرض الصخرية والاضمحلال الإشعاعي المستمر للمواد في الصخور. وتدفع هذه الحرارة البراكين إلى الانفجار والصفائح التكتونية إلى التحرك. وتمثل طاقة الحرارة الجوفية مصدرًا متجددًا للطاقة لأن الحرارة يتم إنتاجها بصورة مستمرة في باطن الأرض.
لكن ينبغي النظر في اعتبارات كثيرة عند دراسة جدوى الطاقة الحرارية الجوفية، فمع أنها مصدر متجدد للطاقة، فمن المهم الموازنة بين إيجابيات وسلبيات الطاقة لفهم تطبيقاتها على نحو أفضل واستخدامها في المكان المناسب.
إليك بعضًا من أبرز إيجابيات الطاقة الجيوحرارية وسلبياتها:
الإيجابيات:
- مصدر موثوق للطاقة
- الحاجة إلى مساحات محدودة من الأراضي
- إمكانية تسخيرها على نطاق واسع أو محدود
السلبيات:
- لا يمكن بناؤها إلا في مواقع محدودة
- تكاليف أولية طائلة
- قد تتسبب بزعزعة استقرار السطح أو زلازل
والآن لنتحدث عن هذه النقاط بإسهاب أكبر.
إيجابيات الطاقة الجيوحرارية
الطاقة الجيوحرارية مصدر موثوق للطاقة
إحدى أكبر الإيجابيات والمزايا لهذا النوع من الطاقة أنها قابلة للتوقع بسهولة ومصدر موثوق للطاقة، وخاصة عند مقارنتها مع مصادر متجددة أخرى من الطاقة مثل طاقة الرياح والطاقة الشمسية. إذ أن الأخيرتين ضمن المصادر المتقطعة والتي تتطلب تكنولوجيا تخزين الطاقة لاستخدامها بكفاءة على نطاق واسع. خلافًا لذلك، تقدم محطات الطاقة الجيوحرارية توليدًا متسقًا مهما اختلفت أوقات النهار أو تقلبت الأيام والمواسم. ولذلك انعكاسات إيجابية كثيرة، والتي تجعل هذه الطاقة مصدرًا مناسبًا لتوليد الحمل الأساسي من الطاقة.
الطاقة الجيوحرارية لا تستهلك مساحات أراضي كبيرة
هذه من الإيجابيات مقارنة مع مزارع الرياح الضخمة مثلًا، أو مزارع الطاقة الشمسية، أو حتى منشآت توليد الطاقة الكهرومائية، فمحطات الطاقة الحرارية الجوفية لا تحتاج إلى أراضي شاسعة. لأن هذا النوع من الطاقة قادم من باطن الأرض بعكس الرياح والشمس والطاقة الكهرومائية.
فلن نحتاج إلى بناء منشآت تجميع ممتدة لمساحات كبيرة لتسخير هذه الطاقة، ولتقريب الصورة إلى الأذهان، تقدر ناشونال جيوغرافيك أن محطات الطاقة الجوفية الحرارية قادرة على إنتاج 1 جيجاواط ساعي من الكهرباء معتمدة على ما يعادل 404 ميل مربع فقط من الأراضي السطحية، بينما تحتاج مزارع الرياح إلى 1,335 ميل مربع لتحقيق الإنتاج ذاته، وتحتاج مزارع الرياح إلى نحو 2,340 ميل مربع. ما يعني أن الطاقة الحرارية الجوفية تستهلك مساحات أقل من الطاقة الشمسية بنسبة 88%.
تطبيقات الطاقة الجيوحرارية قد تكون واسعة النطاق أو محدودة النطاق
هذا النوع من الطاقة لا يقتصر على محطات الطاقة الضخمة، إذ أن إحدى أكثر السبل فعالية لاستخدام الحرارة من الأرض هي بتسخيرها بالمضخات الجيوحرارية للمباني السكنية أو التجارية. وعلى عكس محطات الطاقة الجيوحرارية، فإن مضخات الحرارة الجيوحرارية تستفيد من الخزانات الجيوحرارية منخفضة الحرارة التي تتوفر في جميع الأماكن.
سلبيات الطاقة الجيوحرارية
لا يمكن بناء محطات الطاقة (الجيوحرارية) إلا في مواقع محددة
من المؤسف أنه لا يمكن بناء محطات هذا النوع من الطاقة في أي مكان. إذ تحتاج المحطات الجيوحرارية الضخمة إلى وجود أحواض جيوحرارية قادرة على تحمل درجات حرارة أكبر من 100 درجة مئوية، وهذه الأحواض غير موجودة إلا في مواقع محدودة، وهي عادة قريبة من الصفائح التكنونية أو البؤر الساخنة. ولهذا السبب تحديدًا، توجد أغلبية محطات الطاقة الجيوحرارية الأمريكية الكبرى في ولاية كاليفورنيا: لأن الولاية قريبة من منطقة صدع فعالية تابعة للحزام الناري الضخم بالقرب من المحيط الهادي.
منشآت الطاقة الجيوحرارية ذات تكاليف إنشاء باهظة
يذهب السواد الأعظم من تكاليف محطات الطاقة الجيوحرارية نحو الإنشاء، إذ أنه لا يوجد تكاليف لشراء الوقود ما إن تصبح المحطة جاهزة للتشغيل. ويقدر أن تكاليف البناء الأولية تتراوح بين 4,000 إلى 6,000 دولار لكل كيلو واط ساعي، علمًا بأن تكاليف الطاقة الشمسية الإنشائية تعادل 1,250 كيلوواط ساعي، وتصل تكاليف طاقة الرياح عند إنشائها إلى 1,550 كيلوواط ساعي، ما يجعل الطاقة الجيوحرارية باهظة جدًا بتكاليفها الأولية مقارنة مع المصادر المتجددة الأخرى. فضلًا عن ذلك، إن قارننا الطاقة الجيوحرارية مع محطات الغاز، فإن التكاليف الأولية للأولى تصل حتى 6 أضعاف تكاليف الثانية.
وتعزى تكاليف البناء الأولية الطائلة إلى الصعوبة الكبيرة والتكاليف الطائلة عند الحفر في باطن الأرض للوصول إلى أحواض جيوحرارية مناسبة.
محطات الطاقة الجيوحرارية قد تتسبب بالزلازل
يتضمن بناء محطة طاقة جيوحرارية الحفر عميقًا في الأرض لإطلاق تيارات حرارية أو مياه عالقة في طبقات الصخور. ومن المعروف أن هذه العملية تسبب عدم استقرارًا تحت الأرض، ما قد يؤدي إلى زلازل عند سطح الأرض، فضلًا عن ذلك، قد تسبب محطات الطاقة انخسافًا أو انهيارًا مفاجئًا بمرور الزمن مع استنفاد الأحواض الجيوحرارية.