وقد امتلأ علم اللغة بالنظريات الغريبة كان من الصعب اختيار واحدة للحديث عنها. أظن أيضا أنه من الصعب حصر النظام اللغوي بجميع مصطلحاته تحت نظرية واحدة، إذ أن كل نظرية ظهرت كانت تملك أدلتها من بعض الكلمات، لكن بالمقابل؛ خالفتها الكثير جدا من الكلمات الأخرى. لكن لا يعتقد العلماء في يومنا هذا أن هذه النظريات خاطئة كثيرًا، لكنهم يفترضون أنه بمجرد أن عثر القدماء على الآلية المناسبة لربط الأصوات بالمعاني، فإن اللغة تطورت وتغيرت لاحقًا تلقائيًا.
في عام 1861 قدم العالم اللغوي التاريخي ماكس مولر قائمة بمجموعة نظريات تختص بنشوء اللغة المحكية. ستجد أن جميعها يملك جزء من الغرابة إذ أنه من المستحيل تعميمها كنظريات ثابتة وشاملة.
أولى النظريات كانت نظرية (Bow-wow) التي تعتقد بأن أصل الكلمات كان قد نشأ من تقليد الإنسان للأصوات الطبيعية كالطيور والحيوانات والرعد.
أما النظرية الثانية فكانت تسمى (Pooh-Pooh)، تقول هذه النظرية أن الكلمات خرجت من تدخلات عاطفية كالأصوات التلقائية للألم والسرور والتعجب… إلخ.
النظرية الثالثة هي نظرية (Ding Dong) والتي قال فيها مولر أن للأشياء صدىً طبيعي ردده الإنسان قديمًا، إلى حين أصبحت هذه الأصوات كلمات.
النظرية الرابعة تسمى (Yo-He-Ho) والتي تقول أن الكلام هي نتيجة الأصوات الإيقاعية والهتافات التي كان يصدرها الناس على شكل مجموعات.
من النظريات التي ظهرت لاحقًا والتي أراها الأغرب حقًا؛ هي نظرية تسمى (Ta-Ta) والتي تقول أن مصدر الكلام هو حركة اللسان التي تتوافق مع حركة اليد مما يجعلها مسموعة وذات معنى. خرج بهذه النظرية السير ريتشارد باجيت في عام 1930. لكن ما أجده غريبًا أن معظم الأشياء التي نتحدث عنها ليس لها إيماءات مميزة مرتبطة بها، هذا غير الإيماءات التي من الممكن تقليدها باللسان والفم!