ما هو رأيك في مقولة ديتويفسكي "ماذا لو كان العنكبوت الذي قتلته في غرفتك يظن أنك رفيقه في السكن"؟

1 إجابات
profile/ندى-ماهر-عبدربه
ندى ماهر عبدربه
مدربة فنون تشكيلية في مؤسسة بصمة فن الثقافية (٢٠١٩-حالياً)
.
٢٣ يناير ٢٠٢١
قبل ٤ سنوات
لطالما كانت كتب، و مقولات الكاتب فيودور دوستويفسكي المرجع الأول للأدب العالمي حول العالم، و لعل كتبه، و قصاصات الورق المكتوب عليها مقولاته تتربع على عرش مكتبتي، لما تحمله  كلماته برأيي من فلسفة، و أسلوب ممتع يستطيع صقل روحي، و يفتح امامي أبواب المعرفة. 
مرت عبارة “ماذا لو كان العنكبوت الذي قتلته في غرفتك يظن طوال حياته أنك رفيقه في السكن ؟”
التي نسبت الى أحد كتابات الكاتب دوستويفسكي العديد من المرات أمامي لكنني لم أكن أفهم محتوى مضمونها حتى تلك الليلة، التي استحضرت ذكرى حروفها وجعلتني ارددها بداخلي و أفسر معانيها.

في احدى الليالي الممطرة، كنت أحاول تنظيم و ترتيب أركان غرفتي و اتخلص من الأشياء التي تراكم عليها الغبار، و ارتب مكتبتي الذي تعج بالكتب و تناديني لانقاذها من أعماق الغربة، و ارجاعها للوطن، وخلال انغماسي في التنظيف ازحت المكتب قليلاً لاجد أسفله بيت عنكبوت محطم، تجمدت اطرافي، و ابتعدت قليلاً للوراء كرد فعلٍ تلقائي، خلال تلك اللحظة مرت ببالي تلك المقولة و اصبحت تلازم أرق عيوني طوال ساعات الليل، تلك الحادثة جعلتني اتحاصر بين كلمات دوستويفسكي الذي وضع أمامي معضلة فلسفية تجلد النفس، و تضعها بين حصار المشاعر المتداخلة التي يترأسها الفضول المؤدي لطريق الندم العزلة. 
كانت الأفكار تتردد الى ذهني، و علامات الاستفهام تتراقص فوق رأسي، و السؤال الذي طرحه دوستويفسكي يتلاعب بأفكاري ويردد ماذا لو ان هذا العنكبوت الذي هدمت بيته في غرفتي كان يظن انه رفيقي في السكن، وماذا اذا كان يقصد دوستويفسكي هنا عالم البشر بحيث يحاول اخذنا الى منحنى ثاني من القصة و يوصل الينا رسالة تتلخص بسؤاله :
كيف بإمكاننا ان نتجاهل أشخاصاً موجودون في حياتنا و نضعهم على الهامش، مع انهم يعتبروننا من الشخصيات الرئيسية في حياتهم وعندما نراهم نقتل شغفهم بدون ان ننتبه لضوء ارواحهم؟
فتح امامي هذا السؤال آفاقاً جديدة و جعلني اركز اكثر على تفاصيل لم انتبه اليها من قبل،  وكان طريقاً لشغفٍ جعلني اسهر طوال الليل لأرسم لوحة تجريدية تجسد اجوبة اسألتي بألغاز لم استطع فك شيفراتها. 
ومن خلال شغفي بالرسم استطعت ان ارد على سؤال دستويفسكي بالوحتي و اخاطبه بألوان متداخلة بين الاسود و الابيض الذي تمثل ظلام الندم، و نور روح الذكرى التي محتها خطوط الغدر.