ما هو رأيك بفيلم investigation of a citizin above suspiction

2 إجابات
profile/جابر-حيان
جابر حيّان
كاتب ومحرر ومترجم في مستقل (٢٠٢٠-حالياً)
.
٠٢ فبراير ٢٠٢١
قبل ٤ سنوات
محقّقٌ فاسدٌ ومُتلاعِبٌ من شرطة روما، يقتل عشيقته، بالتزامُن مع ترقيّته إلى رئيس مباحث قسم الجرائم. هذا ما يحدث مع بداية فيلم “تحقيقٌ مع مواطنٍ فوق مستوى الشبهات”، الذي أخرجه الإيطالي إليو بيتري عام 1970، وحتى تلك اللحظة لا شيء غير عادي أو مثير للاهتمام. لكن حين يَحرصُ المُحقّق “دوتوري” (جيان ماريا فولونتي) على تركِ أدلةٍ في مسرح جريمته -التي يُحقّق فيها!- تُثبت مسؤوليته عنها، يُصبِح الأمر مُحيّرًا ومُبهَمًا؛ إذ يتساءل المرء: لماذا قد يُقدِم رجلٌ صاحب سلطةٍ منفلِتَة من عِقالِها على فعل شيءٍ أحمقٍ كهذا؟ لماذا تعمَّد إثباتَ مسؤوليّته عن جريمة القتل؟

ويبدو الجواب بَدَهِيًا أو لنقُل: سهلًا، ويمكن استخلاصه من عنوان الفيلم، ليُثبت المُحقّق أنّه “فوق مستوى الشبهات”؛ أنّه حتى لو كانت هناك حُزمةٌ من الأدلّة (بصماته، خيطٌ من ربطة عُنقِه، آثار حذائه، صورٌ له مع الضحيّة، أحد الشهود قد رآه، وغيرها) فإنّه بوصفه حارسًا للقانون وراعيًا للعدالة بريءٌ بالضرورة. وتلك الأدلّة الدامغة التي تُثبت تورّطه في الجريمة لا تعني شيئًا أبدًا؛ فسلطَتُه كرجل أمن تجعله في العلياء بعيدًا عن أيّ شبهةٍ قد تُدنِّس ذاته السُلطويَّة المقدّسة.

لكنّ الأمر يغدو أكثر إبهامًا مع انتصاف العمل، فبعد كلّ محاولات إلصاق التهمة في الآخرين (زوج عشيقته المثليّ، وأحد الطلبة “الأناركيين الفرديّين” الذي كانت تنام معه الضحيّة).. وبعد أشواطٍ طويلةٍ من التلاُعب المريض، يعترف المُحقّق الفاسد دوتوري بمسؤوليّته الكاملة عن الجريمة لزملائه ورؤسائه، لكنهم يرفضون تصديقه، ويستمرّ هو بتقديم الأدلّة التي تُدينه، وهُم يَخلقون بواسطة ماكينتهم البيروقراطية كل حجّج الأرض لتفنيد أدّلته ونَسفِ حقائقه!

هل كان هدف دوتوري النهائي إثبات أنّه فوق مستوى الشبهات، بوصفه رجل سلطة؟ أم أنّه عند نقطةٍ معيّنة، أصبحَ ضدّ النظام الذي يستمدّ منه سلطته الغاشمة وأراد بفعلته هذه توجيه ضربةٍ ضدّه من داخله؟ وتلك النقطة هي لحظة تحقيقِه مع الطلبة اليساريين والأناركيين الذين تمّ اعتقالهم على إثر أعمال شغب، وبعضهم كان على صلة باحتجاجات مايو 1968 في فرنسا. هل أصابَ المُحقّق مَسٌّ ثوريّ، فأصبح عميلًا للثورة و”الفوضويين”، وأيقنَ أنَّ أفضل أداةٍ لهدم النظام قابعةٌ بين يديه؛ جريمته واعترافه باقترافها وبتلاعبه بالجميع؛ بالقانون والنظام والناس؟ أم لنذهب أبعد من ذلك ونقول إنه كان هكذا منذ البداية وهذا كان دافع جريمته؟

تبدو هذه الفرضيّة مستبعَدَة، خاصةً وأنّ هذا المُحقّق على قدرٍ من الدناءة لا يسمح له بأنْ يعمل ضد النظام وأن يحاول الإيقاع ببيروقراطييه عبر التضحية بنفسه! لكن لا بدّ من طرحها وعدم استبعادها بشكلٍ كلّي، مع ملاحظة أنّ العمل لا يخلو من نزعةٍ “كابوسيّة” و”فوق واقعيّة” تدفعُ نحو هذه الفرضية.

المشكلة أنّ تلك الفرضية حتى لو كانت صحيحة، فلم تُحدِث أي فرقٍ في النهاية، فالسلطة أصبحت أشدّ شراسة، وحقيقة الجريمة ليست شيئًا مفيدًا بالنسبة لها، المهمّ سرديّتُها لهذه الجريمة -أي حقيقتها المفروضة بالقوّة-، خاصةً وأنّ ضحيّتها لا قيمة لها ولن يأبَه لرحيلها أحد، كما تقول الضحيّة نفسها لدوتوري في إحدى خيالاته في نهاية الفيلم. وكأنّ الراحل إليو بيتري يقول عبر عمله هذا: إنّ مسعى اليسار والأناركيّة وكلّ قوّةٍ تحرّريّة مصيره الفشل والخيبة والهزيمة، وأنّ السلطة وإن كانت تحمل في طياتها بذور هلاكِها فإنّ خوازيقَهَا مُنتَصِبَة، وحِبال مشانِقِهَا معقودة، وأسلحتها مُدجّجة بالذخائر.. دومًا، وأنّ رجالَهَا وُلِدوا ليكونوا فوق الناس، وفوق مستوى الشبهات.

  • مستخدم مجهول
قام 1 شخص بتأييد الإجابة
profile/جهاد-عواد
جهاد عواد
بكالوريوس في هندسة برمجيات (٢٠١٦-٢٠٢٠)
.
٣٠ أبريل ٢٠٢١
قبل ٤ سنوات
 تأتي الشخصية في هذا الفيلم إلى شقة فتاة في أحد الليالي ليقوم بلعب ألعاب قاتلة ووضعها في وضعيات متعددة لجثث وتصويرها، هذه الألعاب كانت فكرة الفتاة، حيث في بداية الفيلم تقوم بالاتصال بشكل خفي بهذه الشخصية على الهاتف قبل أن يقوم هو بتعقب المكالمة وزيارة منزلها، وهو شخص متنمر ومؤذي، لكنها مازوخية ولهذا تظن أن هذه الألعاب لن تكون مؤذية ولم تكن تتوقع على الإطلاق أن يقوم هو بقتلها خلال تلك الألعاب، هذه هي القصة التي بدأ فيها هذا الفيلم مشاهدة.

على الطرف الآخر تحدث هذه الجريمة في آخر أيام شخصية أخرى كمحقق جرائم، وقد تم ترقية هذه الشخصية إلى دور رئيس منظمة سياسية وإضافة العديد من المسؤوليات الجديدة له، هذه الشخصية تأخذ عملها بشكل جدي، حيث تقوم الشخصية بتفقد الشقة التي وقعت فيها الجريمة وفحصها لإيجاد أي أدلة، وبالفعل يقوم بإيجاد بصمات أصابع وبصمات حذاء والعديد من الأدلة الأخرى التي يقوم من خلالها بمساعدة زملائه على التحقيق في هذه الجريمة، حتى الآن هذا الفيلم يملك حبكة مشوقة ولكن معتادة.

ولكن ما يميز هذا الفيلم الذي قام بإخراجه Elio Petri هو الخليط الجميل جداً بين عنصر التشويق والعنصر النفسي، حيث يوظف الفيلم ارتياب المحقق الذي يؤثر على عملية التحقيق بشكل رائع، ولا ننسى ان اداء Gian Maria Volonte لهذه الشخصية كان متقناً جداً، حيث قام بلعب هذه الشخصية بالطريقة التي يجب أن تلعب فيها، هذه الشخصية الودودة تحت كل القسوة، هي ما جعلت هذا الفيلم بالنسبة لي يستحق المشاهدة والتحدث عنه أيضاً.

التحقيق في هذا الفيلم بشكل عام كان متأثراً بشدة باللعبة التي لعبها المجرمة مع الضحية بشكل سابق، عندما يقوم المحققون الآخرون بإيجاد الأدلة الخاطئة وملاحقة المشتبهين الخاطئين، يقوم المجرم بإعطائهم أدلة جديدة حتى يتمكنوا من العودة إلى الطريق الصحيح في التحقيق، مع أن أسلوب المخرج في هذا الفيلم مختلف قليلاً إلا عنصر الجريمة يذكرني بشكل كبير بالفيلم الذي قام بصناعته وكان رائعاً الذي يحمل اسم The Tenth Victim وتم إصداره في 1965, في ذلك الفيلم كانت القصة تحدث في المستقبل، عندما أصبحت الحياة آمنة بشكل كبيرة لدرجة الملل وهذا دفع الكثير من الناس للتطوع حتى يصبحوا مجرمين وضحايا، فقط من أجل الحصول على بعض المتعة، هذا الفيلم يحمل فكرة رائعة بصراحة عليك تفقده في حال أحببت فيلم investigation of a citizin above suspiction.

بالنسبة لي كان هذا الفيلم ممتعاً لأنني من محبي قصص التحقيق والأمور المتعلقة بها، خصوصاً أن هذا الفيلم يحتوي على عناصر فريدة ليست موجودة في باقي الأفلام من نفس النمط، وفي حال كنت تحب التحقيق والجرائم والقصص المتعلقة بذلك سوف تحب هذا الفيلم بالتأكيد، مع أنه في رأيي يفشل من ناحية الأفكار السياسية لأنه يعرض أفكار يسارية.