هذا السؤال كثيرًا ما أثار حفيظتي، فقد استهلك الكثير من وقت وجهد المتابعين، وانطلقت الشائعات تعيث به فسادًا في جميع أنحاء المعمورة؛ دون وجود إجابة منطقية موحدّة تضم الجميع تحت جناحها.
هنا عليً الوقوف كشخصٍ محايد، واستعرض آراء الفريقين؛ الفريق المناهض لمطاعيم الكورونا، والفريق المؤيد لها. حيث أن لكلٍّ منهما منطق وحُجّة يُعتد بها. مع أن القرار الذي توصّلت إليه في قرارة نفسي يتعلّق ويعتمد على دقّة التجارب وتعددها للمتبرعين بأخذ اللقاح، مع الشفافية التّامة في عرض النتائج الحاصلة، ومتابعة هذه النتائج من قِبل فريق طبي موثوق.
فلنبدأ
بالفريق المؤيد الذي يدفع بحجة ضرورة هذا اللقاح في الوقاية من تفشي هذا الفيروس، وضرورة التقليل من انتشاره؛ مع حماية سبل العيش وإعادة الأطفال إلى مدارسهم، والعاملين إلى شركاتهم ومصانعهم، وإعادة الانتعاش إلى الاقتصاد المنهار. كما يقوم اللقاح برفع المناعة، وتقوية الجسم للعديد من الأشهر. أثبتت الدراسات والأبحاث عدم وجود آثار جانبية خطيرة للقاح.؛ فالآثار الجانبية هي كأي أعراض جانبية لأي لُقاح مثل الصداع والرعشة والحُمى. كما أن قيام بعض الشخصيات الشهيرة مثل رئيس الولايات الأمريكية بأخذ اللقاح هي خطوة متقدمة ومميزة وتعني أن اللقاح لا غبار عليه.
أما
الفريق المعارض فحُججهم تتراوح من احتواء اللقاح على مواد غير آمنة وخطيرة من ضمنها الزئبق الذي انتشرت الحملات ضده العام الماضي. أما نجم الإشاعات والحملات لهذا العام هو مركب الفورمالدهايد وبتركيزات مرتفعة. أما الحُجّة الثانية فقد اصطبغت بصبغة دينية، من خلال استخدام العلماء والباحثين للأنسجة الجنينية للتجارب دون داعٍ. كما أُشيع أنّ اللقاح المعتمد على
Messenger RNA سوف يعدل الصيغة الصبغية للمتلقي بطريقة ما. ويفضّل المناهضون إصابة الأشخاص بالفيروس عوضًا عن الوقاية منه باللقاح. يُعد ذلك تجديدًا لخرافة استُخدمت سابقًا ضد لقاحات الحصبة والجدري والإنفلونزا ولكن لم تُجدي. كما انتشرت شائعات عديدة أن اللُّقاحات عامة هي سبب التوحد للمواليد، وهي شائعة بدأها الطبيب السابق
أندرو واكيفيلد لنزع الثقة بلقاح
MMR (الحصبة-الجدري-الحصبة الألمانية) وزيادة ثروته بتطوير لقاحه البديل، وتم تعميم الفكرة على اللقاحات اللاحقة. كما أن المعارضين مقتنعون بالفرضية غير المثبتة علميًّا، والقائلة بأن الفيروس تم صنعه في مختبر علمي وليس من فعل الطبيعة.
والآن يجب الرّد على المعارضين، حيث أنّ مركب الفورمالدهيد ينتجه الجسم بكميات قليلة ويتفكك بداخله بشكل مُرضٍ، وهذه التراكيز القليلة هي ما يُعتمد عليها لصناعة اللُّقاحات. كما أن عملية التصنيع تشهد العديد من التجارب البشرية الاختيارية والفحوصات السريرية قبل تعميمه.
أما بالنسبة لاستخدام الأنسجة الجنينية، فإنّ التوجهات الدينية الحالية لا تعارضها بتاتًا، بل تؤيد حماية البشرية جمعاء ضد تعرضها للمرض المميت والهلاك حتى لو استخدمت تلك الأنسجة ضمن الصلاحيات الطبية المصرّح بها.
يوضح العلماء والباحثون أنّ كلا لقاحي
فايزر/بيونتيك وموديرنا يحتويان على
Messenger RNA الذي يستخدمه كل الوقت لصنع البروتينات. كما أن
Messenger RNA الخاص بالفيروس بروتينات لا تؤذينا ولكن يتعرف عليها الجهاز المناعي ليستطيع تمييز الفيروس كجسم غريب عند دخوله في المرات التالية. كما أن عدد المتطوعين كان هائلًا بحيث تابعت وراقبت إدارة الغذاء والدواء الأمريكية المتطوعين شهرين بعد تلقي الجرعة الثانية للتأكد من بقاء اللقاح آمنا وفعّالًا في الفترة التي تُعرف بأنها الأكثر حساسيةً لظهور الأعراض الجانبية. ولدعم المعلومات الموجودة، جُمعت المزيد من البيانات لمراقبة فاعلية اللقاح وسلامته على المدى البعيد فلا داعي للقلق.
أما بالنسبة لفكرة تفضيل الإصابة على اكتساب المناعة فهي خاضعة للتفنيد. فهذا الوباء جديد ويمتلك أعراضًا خطرة وقاتلة، لذلك فإن الانتظار لتكوين مناعة بعد التعرض له لا يمثل استراتيجيةً واعدةً لصحة البشر المستقبلية. إن ترك هذا الفيروس منطلقًا بلا قيود هي طريقة مؤكدة لموت العديد من المواطنين، وسوف يؤدي إلى الحاجة إلى المزيد من الرعاية طويلة الأمد للسيطرة على عواقب المرض.
أما الطامة الكبرى بنَسْبِ الإصابة للتوحد للقاحات هو ضرب من الخرافات الصرفة, فلا دليل يثبت ذلك. كما أن هذا إهانة للمصابين بالتوحد والأشخاص المتنوعين عصبيًا بكونها تزيد من الوصمة الموجودة حول هذا الطيف من المجتمع.
سأترك لك الأمر هنا، حتى تقرر لأي الفريقين تود الانضمام. أما أنا فسأكتفي بالانتظار حينًا لتظهر فاعليّة ونجاعة هذا اللقاح دون الإحجام عن أخذه.
المراجع:
https://www.nbcnews.com/tech/tech-news/covid-19-vaccines-face-varied-powerful-misinformation-movement-online-n1249378
https://ktla.com/news/california/anti-vaxxers-and-alt-right-groups-team-up-to-stoke-fears-on-covid-19-vaccines/
https://www.bbc.com/arabic/science-and-tech-55066223
https://www.hrw.org/ar/news/2020/10/29/376848
26 مشاهدة
