رغم أن رسولَ الله صلَّى الله عليه وسلَّم جعل زيارة (عِيادة ) المريض من حقوق المسلم على أخيه المسلم، كما في الحديث الذي رواه أبو هريرة رضي الله عنه: " حَقُّ المُسلمِ على المُسْلمِ خَمْسٌ: ردُّ السلامِ، وعيادةُ المريض، واجابة الدعوة، واتباع الجنائز، وتشميت العاطس" ( متفق عليه)
إلا أنه في الوقت نفسه شرع التحرز من الأمراض المعدية وأرشد المسلمين الأصحاء لمجانبة مجالسة وزيارة أصحاب الأمراض المعدية، فنهى عن زيارة المريض مرضاً معدياً، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم قال: " لا يُورِدنَّ ممرضٌ على مُصِحٍّ" ( متفق عليه )
وهو حديثٌ شريفٌ ينطبق على البشر، فيه نهيٌ عن دخول الشخص السليم على الشخص المريض مرضاً معدياً ولو بحجة الزيارة.
وقال صلى الله عليه وسلم: " فِرَّ مِن المجذومِ كما تفرُّ مِن الأسد " . ( رواه البخاري)
قال ابن القيم رحمه الله: " نهى أن يُورِد مُمرِضٌ على مُصِحٍّ، لأن ذلك قد يكون ذريعةً إما إلى إعدائه ( إنتقال العدوى له ) ، وإما إلى تأذيه بالتوهم والخوف، وذلك سبب إلى إصابة المكروه له".
فحِفْظَ النفس مِن مَقاصد الشريعة، والشرع الحنيف يندب المسلم أن لا يعرض نفسه للبلاء، حتى أن الفقهاء قالوا أنه لايجوز للمجذوم ومن به مرض مُعدٍ أن يدخل المسجد.
وأمر الإسلام المصاب بمرضٍ مُعدٍ أن لا يتهّرب من إعلان إِصابته، فهو مُحاسبٌ شرعاً، وجعل له مثل ثوابَ المُرابط إن التزم بالحِجر الصّحي الطبي ولم يخالط الناس، ومنحهُ ثوابَ الشّهادة إن ماتَ في مرضه هذا وهو ملتزم بالتعليمات الطبية الخاصة بالعزل أو الحجر الطبي والحرص على عدم نقل العدوى لغيره، ثم جعل عقوبة المتُهرِّبِ من التعليمات الصحية أو غير الحريص على اجراءات عدم نقه العدوى لغيره مثل عقوبة من يفرّ من الزحف!! عن عائشه رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " لا تفنى اُمتّي إلا بالطّعنِ والطاعون، قلُتُ: يارسولَ الله إنَّ هذا الطّعن قد عرفناه فما الطاعون؟ قال: "غُدّةٌ كُغُدّةِ البعير، المُقيمُ فيها كالشهيد، والفارّ منها كالفارّ من الزحف " رواه أحمد
ولكن لا مفرّ أحياناً من أن يكون بعض أهل المريض مرضاً معدياً أو أقاربه بجانبه في مرضه، بشرط تطبيق الإجراءات الوقائية الصّحية، وفق ما يقوله الأطباء.
ويمكن زيارة المريض مرضاً مُعدياً وصلة رحمه والسؤال عن حاله مع الحذر وتجنب الضرر كأن تسلم عليه، وتكلمه دون الدخول إلى داخل حجرة العزل, كما يمكن زيارة أهله، والدعاء له، والمساعدة في توفير علاجه ما أمكن، دون وصول أيّ ضرر بك، فلا ضرر ولا ضرار.